كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
الضوابط الراسخة:
وإني سائل الدكتور الفاضل: أي بأس في ذكر هذا الضابط النحوي؟ وأي ضرر
في أن يتلقاه الصغار فيما يتلقون في النشأة الأولى؟ والدكتور يعلم أن طبيعة تعلم
العربية تقتضي حفظ كئير من النصوص والضوابط لترسيخ القاعدة، ولذلك لجأ
المصنفون قديماَ إلى المنظومات العلمية لضبط القواعد وتئبيتها، ثم كان من ذلك
أيضاَ تلك الضوابط النثرية لبعض القواعد، مثل "سألتمونيها" لحصر حروف الزيادة
في الصرف، و"سكت فحثه شخص" لضبط الحروف المهموسة، و"لم أر على ظهر
جبل سمكة " لبيان الأسباب والأوتاد والفاصلة في العروض.
ومن أطرف ما حفظناه من مشايخنا في الصغر قولهم "صن شمله " رموزاَ
لأسماء الأنبياء المصروفة، أي المنونة: فالصاد لصالح، والنون لنوح، والشين
لشعيب، والميم لمحمد! شًيو، واللام للوط، والهاء لهود، عليهم السلام اجمعين.
فهذه الأسماء الستة تنون وما عداها من أسماء الأنبياء يمنع من التنوين.
وكانوا يقولون لنا أيضاَ: "لا تكسر الصحاح ولا تفتح الخزانة "، يريدون
"الضَحاح " للجوهري وأنه بفتح الصاد، وخزانة الأدب للبغدادي وأنها بكسر الخاء.
وقالوا: "من حفظ المتون حاز الفنون "، ولا شك أن الأستاذ الكبير يعرف في جيله
هذه المجموعة التي طبعت باسم " مجموع مهمات المتون "، يشتمل على ستة وستين
متناَ في مختلف العلوم والفنون، وتاريخ الطبعة الرابعة منه 1369 هـ- 1949 م.
ولا ينبغي ان يلتفت إلى ما يقال من أن هذا عيب في اللغة العربية أن تعتمد على
الحفط الأصم الأعمى، فهذا أمر معروف في سائر اللغاب. يقول العالم الأديب
الدكتور عبد اللّه الطيب، في دفع تلك الفرية: "ومساكين اللغة العربية ينفرون من
الحفظ ليكونوا متمدينين ". ثم يقول: "وأشهد على نفسي اني عندما كنت أدرس في
الخارج الندن) كنا ندرس بعض القطع المسرحية لشكسبير، فكان التلاميذ يسمع
بعضهم لبعض القطع عن ظهر قلب، حتى أمثال "يدخل يطارده القتلة " او "يخرج
يطارده سبع"، وكانت لهذه المسرحيات القديمة شروح، وقد تكون الأبيات أربعة
143