كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

أسطر في اعلى الصحيفة، بخط كبير، وسائر الصحيفة بخط دقيق، شرح لما فوق،
ويقبل التلاميذ على ذلك ولا ينفرون، فإذا قدم لهم شيء يشبه ذلك بالعربية نفروا منه
نفوراَ شديداً. ومن عجيب الأمر أن الكتب التي كنا ندرسها بالِإنجليزية كان ورقها
أصفر، والورق الأصفر لعله ألين على عين القارىء من الورق الناصع الأبيض ".
ملحق التراث بجريدة المدينة المنورة بالسعودية - 1 2 من ربيع الأول
1408 هـ- 12 من نوفمبر 1987 م.
فهذا الذي يراه الدكتور زكي نجيب محمود "نتفة من الماضي عسيرة الهضم قد
تصيب المعدة بالأذى "، هو عند النطر والتحفيق اساس العلم ومدخله، بل هو الغذاء
الذي تصح به المعدة، وتتكون عليه الأنسجة والخلايا، وما دخل علينا البلاء،
واستبد بنا الضعف إلا يوم ان هجرنا هذه الضوابط الكلية، ونفرنا من الحفظ،
واجتوينا النصوص، ثم غرقنا في البحث النظري الذي اسلمنا إلى التجريد والمطلق.
أما إشفاق الدكتور الفاضل على الصبي الذي هو في الحادية عشرة، ان يوخذ
إلى هذه التراكيب والمصطلحات المعقدة التي تصيب المعدة بالأذى فإن الدكتور
الكريم يعلم علماً ليس بالظن ان من اصحاب هذه السن في جيله من اتم حفظ القرآن
الكريم، وحفظ إلى جانبه شيئاَ من المتون، مثل (متن نور الِإيضاح) في فقه الحنفية،
او (متن العشماوية) في فقه المالكية، او (متن ابي شجاع) في فقه الشافعية،
أو (متن زاد المستفنع) في فقه الحنابلة، إلى جانب (متن الَاجرومية) الشهير. . .
وإني اعيد هنا ما ذكرته من قبل: أن اساتذتنا الذين كتبوا في الدراساب اللغوية
والنحوية الحديثة وشزَقت كتبهم وغزَبت، ينتمون جميعاَ إلى جيل الحفظة: حفظة
القراَن والمتون والحواشي والمصطلحات، وما كان لهؤلاء الأساتذة ان يكتبوا ما
كتبوا لو لم يحفظوا منذ الصغر: " إذا. . . ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لشرطه
منصوب بجوابه "، وأخواتها مثل: " لا يجمع بين العوض والمعوض عنه " و" اجتمعت
الياء والواو وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء. وذلك في
مثل سئد".
144

الصفحة 144