كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
ولا زلنا نحن أبناء الجيل التالي الذي تستطيع أن تشم فيه رائحة العلم، لأننا
وردنا الماء صافياً قبل أن تكدره الدلاء، ولأننا أدركنا معاهد العلم قبل أن يدهمها
السيل، أقول: لا زلنا نذكر هذه المشاكل النحوية التي التقينا بها في طراءة الصبا
وريق الشباب، مثل إعراب قوله تعالى: " إِن هَذَنِ لَشَحِزَنِ " وكيف رفع " هَذَنِ"
وهو اسم " إِنْ"، وتوجيه الرفع في قوله تعالى " وَاَلمحئئونَ" في الاية الكريمة " إِنَ
اَنَذينَ ءَآمَنُوا وَاَنَذِيفَ هَادُوا وَاَلضئونَ. . . " 1 المائدة: 69)، واختلاف المعنى باختلاف
حركة الِإعراب على الراء في قوله تعالى: " وَلَالًتنُن لتَمعتكَزُر-! بَمَ" 1 المدثر: 6)، وعود
الضمير على غير مذكور في قوله تعالى: " حَتَئ تَوَارَثَ بِاَلححَابِ أر2 إ) " أص: 32)، أ ي
الشمس، والمصدر المتصيد في قوله تعالى: "دمَان تسَثْكُرُوا يَزضَهُ لَكُم " أ الزمر: 7)،
أي الشكر، وقوله: " وَنُخَوفُهُتم فَمَا يَزِلدهُتم الا طُغننا" 1 الإسراء: 0 6)، أي التخويف.
وتوله: " وَلَؤ ءَاصَتَ أَهلُ اَئ! نبِ لَ! نَ ضَ! يم لَهُخ " أ آل عمران: 0 1 1)، أ ي
الِإيمان، ثم في مثل قول الشاعر:
إذا نُهي السفيه جَرى إليه وخالف والسفيه إلى خلاف
أي جرى إلى السفه. .
كل هذا كنا نستظهره ونديره على ألسنتنا في سهولة ويسر، كانت أسناننا في تلك
الأيام لا تتجاوز الخامسة عشرة. . . نعم كل هذا عرفناه وخبرناه، وجرى منا مجرى
المحفوظات والمأثورات، فأورث ملكة في النحو، وأكسب إحساساً بالعربية في أبنيتها
وتراكيبها، حتى إذا غَبِيَ علينا شيء من هذه الأبنية والتراكيب فزعنا إلى ذلك المذخور
من أيام الصبا، فأسفر وجهه، ودان عصيه. . . فهل عند أبناء اليوم من ذلك شيء؟
ولا يصح أن يقال: إن هذا الذي ذكرته كان سمة التعليم الديني او التعليم الذي
تغلب عليه العربية، كالذي في الأزهر الشريف ودار العلوم، فإن الدكتور الفاضل
يعلم علم اليقين مواد العربية التي كانت تفدم لتلاميذ المدارس في التعليم العام،
أو الأميري.
وأمامي الَان طبعة ثانية من "معجم المصباح المنير" للفيومي المتوفى سنة
145