كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
بالتدريج، وإن كنا لا ندرك بالضبط متى تم هذا، كما لا يدرك الناظر في السماء
انسلاخ النهار من الليل إلا حين يغشاه نوره ويغمره سناه.
وليس ادل على أهمية "الحفظ" في العملية التعليمية في تراثنا، من هذا القدر
الهائل من المنظومات في اللغة والنحو والفرائض (المواريث (، والقراءات، وعلوم
الحديث والأصول والبلاغة والمنطق والعروض والميقات والطب، وكل ذلك لضبط
القواعد وتثبيت الأحكام. وما أمر " ألفية ابن مالك " ببعيد!
ومع المنظوماب المطولة في النحو والصرف كان هناك البيتان والثلاثة والأربعة
لضبط الفاعدة وترسيخها. فهذا جمع التكسير ينقسم إلى جموع قلة وإلى جموع
كثرة، وللأول أربعة أوزان، وللثاني سبعة عشر وزناَ، ولصعوبة حصر هذه الأوزان
صاغها بعضهم شعراَ ليسهل حفظها، فجموع القلة جمعت في قوله:
بأفعُلِ ثم افعال وأفعلة وفِعْلة يُعرف الأدنى من العدد
كأفلس وكأئواب وأرغفة وغِلمة فاحفظنْها حفظ مجتهد
وجموع الكثرة جمعت في قوله:
في السفن الشهب البغاة صور مرضى القلوب والبحار عبر
غلمانهم للأشقياء عمله قطاع قضبان لأجل الفيلة
والعفلاء شرد ومنتهى جموعهم في السبع والعشر انتهى
وترتيب الخليل بن احمد لمواد المعجم نظمها بعضهم في قوله:
عن حزن هجر خريدة غناجة قلبي كواه جوى شديد ضرار
صحبي سيبتدئون زجري طُفَباَ دَهشي تطلب ظالم ذي ثار
رغماَ لذي نصحي فؤادي بالهوى متلهب وذوي الملام يماري
وواضج أن المراد الحروف الأولى من كلمات هذا النظم هكذا: ع ح هخ
غ. . . الخ.
هذا إلى الضوابط النثرية، مثل "سألتمونيها" لضبط حروف الزيادة، و"سكت
153