كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

فحثه شخص" لضبط الحروف المهموسة. فبهذه الضوابط الشعرية والنثرية تعلمنا
الأدب واللغة والنحو، وتعلم من قبلنا، لأننا سلمنا ولأنهم سلموا من زلازل التطوير
وأعاصير التيسير. وإنه لواجب علينا إذا أردنا الخير لهذا الجيل ان نحيي فيهم
مهارات الحفظ، ونفدم لهم قواعد العربية من خلال النصوص التراثية الموثقة.
ولقد جاءني ابني بكتاب الفراءة والنصوص الأدبية للصف الثالث الِإعدادي
للعام الدراسي 0 199 م - 1991 م، وفي ص 13 منه جاء هذا السؤال: (اختر
الصواب مما بين كل قوسين: مقابل غضب (رضا - سرور - سكون) وطلب مني
ابني الجواب الصحيح، فقلت له (رضا) وقال هو (سرور) وأصر على رأيه، لائه لم
يستسغ أن يكون " الرضا" مقابل الغضب ولأن أستاذه قال ذلك ايضاً والأستاذ
لا يخطىء ولم يقتنع حتى ذكرت له حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه
عنهما الذي اخرجه أبو داود في سننه 318/ 3، والحاكم في مستدركه 1/ 05 1، أنه
قال: "يا رسول الله، أكتب ما أسمع منك؟ قال: "نعم"، قلت: عند الغضب وعند
الرضا؟ قال: نعم إنه لا ينبغي لي أن أقول إلا حقاَ" ".
وهنا انفرجت أسارير ابني، ونظر إليئ (نظرة الرضا لا الغضب).
فهذا السؤال الذي جاء في ذلك الكتاب المدرسي سؤال جيد، لأنه يزيد
المحصول اللغوي عند التلميذ لا محالة. ولكنه ينبغي أن يكون مؤسساً على نصوص
محفوظة للتلميذ بها انس ومعرفة سابقة. وأنَى لتلميذ في هذه السن أن يختار بين هذ5
الكلمات الفريبة المعاني دون نص يشهد وحفط يؤيد، فالحفظ وسيلة ضبط وإتقان
ينبغي أن تراعى من اول درجة من درجات سلم التعليم، ولا تشفقوا على الصغار
والناشئة، فإن فيهم خيراً كثيراً، وانظروا إلى هؤلاء الصغار الذين يظهرون على شاشة
التلفزيون من اعضاء "المسلم الصغير" وتأملوا حلاوة الأداء وسلامة مخارج
الحروف، ثم حفط نصوص القراَن والحديث عن ظهر قلب. ومن وراء ذلك كله
فالحفظ عاصم من التخليط في أبنية الأسماء والأفعال.
وإذا كان القرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد، فإنه ايضاً كتاب عربية وبيان،
154

الصفحة 154