كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
فاغر فمه دهشة، وبين مادِّ بصره عجباً، مخلوطاً ذلك كله بصيحات التكبير والتهليل،
وما أكثر الأشباه والنظائر!
ولم يبق إلا ان أدعو للشيخ بطول العمر وتمام السلامة والعافية، ثم اهمس في
أذنه - ولم يقدر لي أن أراه او أجالسه - ببعض الملاحظات:
أولاً: أرجو من الشيخ الجليل أن يترفق في رد آراء العلماء السابقين حين يرى
رأياً يخالف رايهم، ومن ذلك إنكاره عليهم أن في القرآن حروفاً زائدة، مثل " ما" في
قوله تباركت أسماؤه: " فبَمَا رَحمَة مِنَ أدتَهِ لِتَ لَهُخ " أسورة آل عمران: 1159،
فالزيادة ها هنا زيادة نحوية، والحرف الزائد عند النحاة هو الذي يكون دخوله
وخروجه سواء، أو هو الذي لا يخلّ حذفه بالمعنى، وقد جاء منه أمثلة من القراَن
العزيز، منها قوله تعالى: "فبَمَا نَقْضِهِم شثَقَهُؤ" 1 النساء: 155،، وجاء كذلك في
كلام العرب، ومنه قولهم: غضبت من غير ما جُرم، وقولهم: سمعت كلاماَ ما،
وجئت لأمر ما. ومولانا الشيخ يعلم هذا جيداَ، فتسمية ذلك زيادة لا غبار عليه، بل
إن إمام المفسرين أبا جعفر الطبري يسمي ذلك أحياناً " لغواَ"، فهل يعتقد مؤمن ان في
القراَن لغواَ، ولكنها الصناعه النحوية، فيجب أن ينص الشيخ على أن هذا من
اجتهاداته الخاصة، حتى لا يتجرأ الناس على أهل العلم.
ثانياً: نعترف ان للشيخ معرفة جيدة بالسيرة النبوية وأحوال الرجال وتراجمهم
وضبط اسمائهم وكُناهم وألقابهم، ولكنه يَنِدُ عنه أحياناً أشياء لعدم المراجعة، ومن
ذلك انه نطق مرة اسم "حِبان بن العَرِقَةَ" أحد المشركين الذين قاتلوا المسلمين في
غزواتهم، نطقه "العرفة " بفتج الراء بعدها فاء، والصواب " العَرِقة " بفتج العين وكسر
الراء بعدها قاف.
وكذلك ذكر وصية بعضهم لابنه حين أراد الزواج: "لا تتَخذها حئانة ولا أئانة
ولا منَّانة ولا عشبة الدار ولا كتة القفا"، نطقها الشيخ: "كُئة)) بضم الكاف بعدها باء
موحدة، والصواب: "كَئة " بفتج الكاف بعدها ياء منقوطة باثنتين من تحتها. قال ابن
291