كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
الهجرة وكتابة التاريخ الإسلامي (1)
[1]
مكث رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بمكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة، ثم أمره ربُّه بالهجرة إلى
المدينة. وروى الشيخان في صحيحيهما أنه لمج! ير قال: " رأيت في المنام أني اهاجر من
مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وَهَلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة
يثرب "، - وَهَلي، بفتح الواو والهاء: أي وهمي واعتقادي -.
وروى الشيخان أيضاً، ومالك في الموطأ أن رسول الله كي! قال: " أُمِرتُ بقرية
تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خَبث
الحديددا. وقوله: "امرت بقرية "، أي أمرني ربي بالهجرة إليها. وقوله "تأكل
القرى "، أي تغلبها، وكنَّى بالأكل عن الغلبة، و"تنفي الناس "، أي الخبيث الرديء
منهم.
وقد اتخذ رسول الله! شَي! وأصحابه المدينة مستقراَ ومقاماً، وبدأ عهد جديد في
الدعوة، سمي العهد المدني، أكمل النّه فيه للمسلمين دينهم، وأتم عليهم نعمته،
ورضي لهم الِإسلام ديناَ. وقد بدأ تاريخ الِإسلام والمسلمين يُعَد ويحسب بالسنة
الأولى من الهجرة.
ويقال إن أول من كتب التاريخ من الهجرة، عمر بن الخطاب - رضي اللّه
عنه - في شهر ربيع الأول سنة ست عشرة. وكان سبب ذلك أن أبا موسى الأشعري
__________
(1) مجلة "الهلال"، يو نيو 4 9 9 1 م.
293