كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
عامل عمر على البصرة كتب إليه: إنه يأتينا من قِبَل أمير المؤمنين كتب، لا ندري على
ايها نعمل، قد قرأنا صكاً منه محله شعبان، فما ندري أي الشعبانين: الماضي أ م
الَاتي؟ فعمم عمر رضي الله عنه على كتب التاريخ - أي كتابته - وأراد أن يجعله أول
شهر رمضان، فرأى أن الأشهر الحرم تقع حينئذ في سنتين، فجعله في المحرم، وهو
آخر الأشهر الحرم، فصيّر 5 اولاً لتجتمع الأشهر الحرم في سنة واحدة. ذكر ذلك
ابو هلال العسكري في كتابه الأوائل 1/ 227.
وروى الطبري في تاريخه 388/ 2 - طبعة دار المعارف - أن عمر حين جاء5
كتاب أبي موسى الأشعري جمع الناس للمشورة، فقال بعضهم: أرِّخ لمبعث
رسول الله لمجي!، وقال بعضهم: أرِّخ لمهاجر رسول اللّه لمجي!، فقال عمر: لا بل نؤرخ
لمهاجر رسول اللّه كي!، فإن مهاجره فرق بين الحق والباطل.
وهكذا كانت بداية حضارتنا وثقافتنا فوق هذه الأرض، على الوجه الذي تُبين
عنه آثارنا ا 1 لمكتوبة التي لا يدخل عليها الشك من اي باب تدخل منه الشكوك،
لا على وجو 5 الاجتهاد والتخمين والحدس والاستنتاج التي تقوم أحياناً على استنطاق
نقوش ورموز على جدران معابد وهياكل، قد تتأثر بعوامل التعرية وتفلبات الحرارة
والرطوبة، فتصدق مرة وتكذب اخرى، مع تقدير كل الجهود العظيمة التي قام بها
علماء الَاثار واللغة في هذا الباب.
وحين اخذ العلماء المسلمون في تدوين العلوم وتسجيل المعارف، كان علم
التاريخ من أول ما كتبوا وصنفوا، وكانت الريادة في ذلك لعَبيد بن شَرِثة الجُعفي،
ذلك المعفَر الذي ادرك الِإسلام فاًسلم، وقدم على معاوية والف له تأليفاً حول اخبار
اليمن وأشعارها وانسابها وقد طبع باسم "كتاب الملوك وأخبار الماضين " بحيدر آباد
بالهند سنة 1347 هـ، مع كتاب "التيجان في ملوك حِمْيَر" لوهب بن منبه المتوفى نحو
سنة 4 1 1 هـ، ويعد كتابه هذا أيضاً من أوائل ما صنف في علم التاريخ عند
المسلمين.
وقد توفي عَبيد بن شَرِيَّه نحو سنة 67 هـ، ويعد أيضاً أول من كتب في الأمثال
294