كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
الذي تملأ ترجمته صفحات كثيرة، فضلاً عما يتعرض له بعض هؤلاء الخلفاء
أو الوزراء من نقد شديد، وإحصاء دقيق لأخطائهم وزلاَّتهم، ولست هنا بسبيل
التمثيل لهذا أو ذاك.
أما كتب المناقب فهي كتب خاصة تدور حول شخصية واحدة، خليفة
أو وزيراً، ولا بأس في ذلك ولا نكران؟ فإن من حق أي كاتب أن ينحاز إلى شخصية
حاكمة ومؤثرة، ويفرد لها كتاباً يأتي على تاريخها واعمالها، وهذا ما نشاهد 5 إلى يوم
الناس، نحن نقبله ولا نرفضه، ثم إن ما كتب في تراجم الأفراد خاصة ومناقبهم لم
ينفرد به الحكام والخلفاء فقط، فقد ذكرت لك من قبل: مناقب ابي حنيفة، ومناقب
الشافعي، ومناقب احمد، وسيرة عمر بن عبد العزيز.
ويبدو أيضاً أن بعض من خاضوا في قضية "صنع التاريخ للحكام والملوك " قد
خدعوا بتلك العنوانات التي تحمل أسماء الملوك والوزراء، مثل كتاب الصاحبي في
فقه اللغة لابن فارس، نسبة إلى الصاحب ابن عباد، الوزير الشهير، والِإيضاح
العضدي في النحو، لأبي علي الفارسي، نسبة إلى عضد الدولة بن بويه حاكم فارس
والموصل وبلاد الجزيرة، واللامع العزيزي - وهو شرح ديوان المتنبي - لأبي
العلاء المعري، نسبة لعزيز الدولة فاتك بن عبد اللّه الرومي، الذي كان من رجال
الحاكم بأمر اللّه الفاطمي، والمستطهري -وهو فضائج الباطنية - لأبي حامد
الغزالي، نسبة إلى الخليفة العباسي المستظهر باللّه، احمد بن عبد اللّه.
فليس للصاحب بن عبَاد، ولا لعضد الدولة، ولا لعزيز الدولة، ولا للمستظهر
باللّه، ذكر في تلك الكتب إلا ما يكون من إشارة في المقدمات، فيها إشادة بهؤلاء
الكبار اصحاب السلطة؟ لأن لهم عوناً ظاهراً للمؤلف ومساندة، كما نقول الان: إ ن
الكتاب الفلاني طبع بدعم من جامعة كذا، أو هيئة كذا، وتأمل الكتب التي تصدر
تحت عنوان "سلسلة جب التذكارية " ونحوها، لأن هذه الجامعات والهيعات موَّلت
الكتاب وأنفقت على طبعه، وهات لي الان أميراً أو تاجراً ثريّاً يعينني على طبع كتاب
من كتبي، وانا زعيم، ان اسمي كتابي باسمه الشريف، بل أجعل اسمه يتقدم
306