كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
اسمي، ثم أكيل له المديح والثناء منظومأ ومنثورأ. على ان هؤلاء الملوك والوزراء
الذين جاءت أسماؤهم عنوانات للكتب كانت لهم مشاركة واهتمام باللغة والأدب
وفروع العلم عموماَ، ويكفي أن تعلم أن مؤرخ الِإسلام الحافظ الذهبي حين ترجم
لعضد الدولة البويهي وصفه بالنحوي.
ولعل من أشد العنوانات خداعاً: ذلك الكتاب الذي ألفه ابن الجوزي وسمَّا 5:
"المصباح المضيء في خلافة المستضيء"، فهذا الكتاب وإن كان في ظاهر 5 انه في
مناقب الخليفة العباسي المستضيء، فإنه ليس خالصاَ له، وإنما استطرد ابن الجوزي
فيه إلى تراجم كثيرة للصحابة وللخلفاء العباسيين، مع عناية ظاهر 5 بالوعظ والتذكير،
يقدمها ابن الجوزي للسلطان أو للحاكم، لكي يستضيء بها في معالجة الأحوال
السياسية والاجتماعية، كما ذكرت محققة الكتاب وناشرته العراقية الدكتورة ناجية
عبد الله إبراهيم.
وكذلك كتاب: " الدر الفاخر في سيرة الملك ناصر" لابن ايبك الدواداري من
مؤرخي المماليك في القرن الثامن الهجري، فهذا ابن ايبك وإن كان منحازاً للسلطان
محمد الناصر بن قلاوون؟ لأنه كان يعمل في بلاطه، فإن كتابه هذا يعد وثيقة مهمة
في تاريخ مصر والشام في ذلك الوقت، وهو بمثابة يوميات لهذين القطرين الكبيرين
وجهادهما مع فلول الفرنجة من التتار.
فليس صحيحاً إذن ما سمعته - في برنامج تلفزيوني - من الدكتورة الاديبة
الفصيحة نعمات أحمد فؤاد من قولها: " إن التاريخ يخطىء حين يقول: هرم خوفو،
وخوفو لم يبن هرمه، وإنما بنا 5 المهندس المصري ".
إنَّ التاريخ لم يخطىء يا سيدتي الدكتورة، ولكن هذا هو المعروف والمألوف
في نسبة الأعمال الكبيرة، تنسب إلى عصورها، وإلى رموز هذه العصور، وهم
الملوك والحكام، إن علماء البلاغة يمثلون لمجاز الحذف بقولهم: "بنى الأمير
القصر"، ثمَّ يقولون: وإنما بناه عماله. الم نقل " مصحف الملك فؤاد" لهذ 5 الطبعة
المحررة العالية من القرآن الكريم، وهي أصح طبعة للكتاب العزيز بشهادة مشايخ
307