كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
الِإفراء بمصر وغير مصر، من حيث الالتزام بالرسم العثماني، والضبط، وعلامات
الوقف. وقد كتبه بخطه الشيخ محمد علي خلف الحسيني، ثم شاركه شرف ضبطه
وتصحيحه: حفني ناصف ونصر العادلي ومصطفى عناني وأحمد الِإسكندري. وطبع
هذا المصحف الكريم بالمطبعة الأميرية عام 1337 هفي عهد الملك فؤاد، فنسب
إليه.
وتبقى قضية "تخليص التاريخ الِإسلامي من الأخطاء والمبالغات "، وهي أيضاَ
من القضايا التي يعالجها الناس بكثير من الخفة والسهولة والمتابعة.
ومما لا شك فيه أن لبعض مؤرخينا الأولين أوهاماَ وأخطاء، في رصد
الأحداث وتسجيلها وتحليلها، وهذه الأوهام والأخطاء مما ينبغي التنبه لها والتنبيه
عليها. على أنه ينبغي أن يكون واضحاَ أن علومنا كلها ومعارفنا كلها منقودة من
داخلها، ومدلول على الخطأ والوهم فيها منذ اللحظة الأولى لتدوين العلوم
والمعارف، فالنفد عندنا سار مع التأليف خطوة خطوة، وهذا المنهج المعروف عند
علماء الحديث، من القبول والرد، والتعديل والتجريح، قد امتد أثره إلى سائر العلوم
الأخرى، وإن باب النقد في تراثنا وعلومنا باب واسع جداَ، وضخم جداَ، وينبغي ان
يكون واضحاَ إيضاَ ان هذه الأمة لم تغفل عن ترائها هذه الَاماد الطوال حتى يجيء
فلاسفة هذا الزمان لينقدوا ويجرحوا ويخطئوا، ونعم، ليس لأحد - بعد الأنبياء -
عصمة، فانقد ما تشاء، وحلل ما تشاء، واستنتج ما تشاء، ولكن بعد أن تجمع للأمر
عدته، وتأخذ له اخذه، من القراءة المستوعبة المتأنية، والنظر الصحيح، وترك
المتابعة إلا بعد ثبوت الدليل، على ما قالت العرب في كلامها الحكيم: "ئَئتْ نسباَ
واطلب ميراثاَ"، وعلى ما قال أبو الفتج ابن جني: "فكل من فرق له عن علة صحيحة
وطريق نهجة كان خليل نفسه وأبا عمرو فكره. . . إلا أننا مع هذا الذي رايناه وسَوَّغْنا
مرتكبه لانسمح له بالِإقدام على مخالفة الجماعة التي قد طال بحئها وتقدم
نظرها. . . إلا بعد ان يناهضه إتفاناَ، ويثابته عرفاناَ، ولا يخلد إلى سانح خاطره، ولا
إلى نزوة من نزوات تفكره " الخصائص 1/ 0 19.
308