كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
ويريد ابن جني أن يقول: إن من اهتدى إلى وجه من النقد صحيح، أشبه
الخليل بن أحمد، وأبا عمرو بن العلاء، ولا ينبغي لأحد ان يخالف السابقين في
اَرائهم لشهوة الخلاف فقط، وأنه ليس من حقه أن يخالفهم إلا إذا وصل إلى مرتبتهم
أو فاقها: علماَ وبحثاً ونظراً، على ألا يسرع إلى الراي بمجرد الخاطرة السانحة،
والنزوة الفكرية الطارئة.
فهذا هو كلام أهل العلم، أما التخييل بالمنهج والتفكير العلمي، للهجوم على
تخطعة الأفدمين بالحق وبالباطل، فليس من العلم في شيء، ولا من العقل في شيء،
وليس من الأدب أيضاً مع تاريخ الأمة أن يفول كاتب كبير معاصر، عن الِإمام المفسر
المحدث المؤرخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري: " المؤرخ الأبله ".
ولو سألت هذا الكاتب الكبير عن ترجمة الطبري: حياة وعلماً وتصنيفاً،
ووفاة، لما ظفرت بشيء، بل لو سألته عن عدد طبعات كتابه "تاريخ الأمم
والملوك "، والفرق بين هذه الطبعات لما أجابك بشيء. ويقرا الناس هذا ويسكتون؟
لهوان الماضي عليهم، وخفة الموروث في موازينهم، وقل: سبحان ربي!
لو تعزَض احد لبعض كتابنا ومفكَرينا المعاصرين، لاهتزَّت الأرض بمن
عليها، ولسمعت دويّاَ هائلاً وجلبة صاخبة حول رموزنا العظيمة التي لا ينبغي ان
تنال، واعلام التنوير التي لا يصج أن تطال، أما الهجوم على الأوائل، والسخرية
منهم، والتطاول عليهم، فلا نكرة فيه ولا غضب منه؟ لأن "حمزة لا بواكي له ":
أتغضب ان أُذْنَا قتيبةَ حُزَّتا جهاراً ولم تغضب لقتل ابن خازم
والموعد الله.
ءه"
-*هة
-ء،*-
،0ء
309
ء5"
-.-
*5ء