كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

الجامعة المصرية إلى أين؟
الكتاب الجامعي والطريق الصحيح (1)
ذات يوم ضمَنا مجلس علمي لقسم اللغة العربية بإحدى الكليات، وطرح
رئيس المجلس قضية محالة على القسم من عميد الكلية، توصي بأخذ راي الطالب
في تقييم عمل الأستاذ وترقيته. ولم يكد رئيس القسم ينتهي من قراءة هذه التوصية
حتى هبت ريج عاصفة كادت تدمِّر كل شيء، ومادت بنا الأرض، وعلا ضجيج،
واختلطت أصوات، وجحظت عيون، وانطلقت ألسن تدفع الضيم وترد الحيف عن
الأستاذ الجامعي، وتريد أن ترفعه إلى مكان علي لا ينال ولا يطال، وكأنه ذلك النبي
المرسل المصطفى المختار من عباد اللّه، المؤيد بالوحي، الذي لا ينطق عن الهوى،
المعصوم من الخطأ، المبرأ من الهوى، أو كأنه تلك الصخرة التي شبه بها سفيح بن
رباح الفرزدق، في قوله:
إن الفرزدق صخرة ملمومة طالت فليس تنالها الأوعالا
(وانتصاب الأوعال بطالت: أي طالت هذه الصخرة المشبه بها الفرزدق
الأوعال. وإنما قال هذا؟ لأن مأوى الوعل اعالي الجبال. والوعل: هو التيس
الجبلي)، وسمعنا في هذه الجلسة كلاماَ ضخماَ فخماَ عن كرامة العلم وهيبة
الجامعة. أما ذلك الطالب المسكين فقد جاء5 الذم من كل مكان، ونال حظه موفورأ
من التنقص والمعابة، وسوء الرأي وضعف التدبير.
__________
(1) مجلة "الهلال"، أكتو بر 4 9 9 1 م.
310

الصفحة 310