كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
به محتج من ذوي السلطان والجبروت، في إباحة ترك احكام اللّه غير معمول بها،
كما هو امر الطغاة والجبابرة من الحاكمين في زماننا هذا".
ولهذه الغايات كلها أمرنا بترتيل القرآن، في قوله عزَّ وجلّ مخاطباَ وآمراَ
نبيه غ! ير - والأمر لأمته معه - "وَرَتِلِ اَتقز انَ ئرتلا/ص!) ا"] المزمل: 4)، قال القرطبي:
"أي لا تعجل بقراءة القرآن، بل اقراه في مهل وبيان، مع تدبر المعاني. والترتيل:
التنضيد والتنسيق وحسن النظام، ومنه ثغر رتل ورَتَل، بكسر التاء وفتحها: أي حسن
التنضيد". تفسير القرطبي 37/ 19، وحكي عن ابي بكر بن طاهر قال: "تدبر في
لطائف خطابه، وطالب نفسك بالقيام بأحكامه، وقلبك بفهم معانيه، وسرك بالِإقبال
عليه ".
وروي ان علقمة بن قيس قرا على عبد اللّه بن مسعود، فكأنه عجل، فقال ابن
مسعود: "فداك ابي وامي، رتل فإنه زين للقرآن " المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق
بالكتاب العزيز، لأبي شامة المقدسي ص 198.
لكن قوماً من اهل الصدق والِإخلاص - في زماننا ومن قبل زماننا - حسنت
نياتهم، وسلمت صدورهم، يرغبون في إحراز الأجر ومضاعفة الثواب، يشتدون في
هذا الشهر المبارك، ويبالغون في ختم القرآن أكثر من مرة، ويتباهون في ذلك،
فيقول أحدهم: ختمته عشرين مرة، ويقول آخر: بل ختمته ثلاثين، ثم يزيد بعضهم
وينقص بعضهم، وما يدرون أنهم بذلك يبتعدون عن السنة المثأورة عن
رسول اللّه غ! ي!، وعن صحابته الأكرمين.
فقد روى البخاري ومسلم، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما،
قال لي رسول اللّه غ! ي!: " ألم أخبر أنك تصوم الدهر، وتقرأ القرآن كل ليلة؟ "، قلت:
بلى يا نبي اللّه، ولم ارد بذلك إلا الخير، قال: "فصم صوم داود - وكان أعبد
الناس -] كان يصوم يوماً ويفطر يوماً،، واقرأ القرآن في كل شهر"، قال: قلت
يا نبي اللّه، إني اطيق أفضل من ذلك، قال: " فاقرأه في كل عشرين "، قال: قلت:
339