كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
والحماسات، مع عناية ظاهرة باللغة والغريب، تمثلت في أمالي أبي علي القالي
ومجالس أبي العباس ئعلب.
ولم تكن كتب هذا اللون من التأليف قاصرة على الأدباء واللغويين ففط، بل
دخل فيها الحفاظ والفقهاء أيضاً، كالذي رأينا 5 من كتاب "بهجة المَجالس وأنس
المُجالس وشحذ الذهن والهاجس "، لفقيه الأندلس الحافط المحدث أبي عمر بن
عبد البر القرطبي، صاحب كتاب "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"،
وصاحب "الاستيعاب في طبقات الأصحاب ". وكتابه هذا "بهجة المجالس " من
المجاميع الأدبية العظيمة، ويقول فيه ابن سعيد، بعدما ذكر مصنفاته في الفقه
والحديث والتراجم: "مع أنه في الأدب فارس، وكفاك دليلاً على ذلك كتاب بهجة
المجالس ". المُعرب في حلى المَغرب 408/ 2، وهذا ابن عبد البر الفقيه المحدث
هو الذي جمع ديوان أبي العتاهية، وعن نسخته كانت نشرة الدكتور شكري فيصل
رحمه الله.
وهكذا كان الأدب مشرعاً يرده الناس جميعاً، وغبرت أجيال ونشأت أجيال،
حتى جاء ابن خلدون في القرن التاسع ليخبرنا أن كتب الأدب هي: أدب الكاتب لابن
قتيبة، والكامل للمبرد، والبيان والتبيين للجاحط، والأمالي - أو النوادر - لأبي
علي القالي، ويريد ابن خلدون أن يقول: إن هذه الأصول هي مكونات الأديب.
البارودي والمرصفي:
وطويت أيام ونشرت ايام، حتى كان العصر الحديث، وجاء رجال البعث
والِإحياء، هؤلاء الذين ردوا الناس إلى اصولهم الأدبية، وكشفوا عن تلك المناجم
الغنية الضاربة في التاريخ بعروقها، فكان الشاعر محمود سامي البارودي
و "مختاراته"، والشيخ حسين المرصفي و"الوسيلة الأدبية "، والشيخ سيد بن علي
المرصفي و"رغبة الامل من شرح كتاب الكامل "، وما قرأ 5 على تلاميذه من "شرح
حماسة أبي تمام "، وبعدهما كان الشيخ حمزة فتج اللّه وكتابه الجيد "المواهب
الفتحية "، فكانت هذه الاثار كلها زاداً ومدداً للجيل التالي.
349