كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
وكأن هذه السمعة السيئة للمح! نات اللفظية قد استقرت عند بعض الناس
- وهذا هو البلاء العظيم - فقد سمعت احد الأساتذة في محاضرة له، وقد جاء على
لسانه شيء من هذه المحشنات فغمغم بعض الجالسين، فقطع المحاضر كلامه
كالملسوع وقال: " لا واللّه، دي جت كده، غصب عني إ " وكأنه يبرأ من عيب يخشى
أن يلحق به عار 5.
وأقرأ لبعض النفاد، وأسمع لبعضهم فيما يذاع من ندواتهم تنفيراً شديداً من
هذا اللون الأدبي، وتحذيراً للشباب منه، فلا املك إلا ان اتلو قول اللّه تعالى:
" اَ لَذِينَ لخلُونَ وَيَأصٌ ونَ اَلئاسىَ بِاَ لبُخلِ" 1 ا لنساء: 37،، وأ ا لحد يد: 4 2،.
رابعاً: اقترن بتسويغ العجز عن جمال البيان: السخرية منه والِإزراء بقائله:
على ما قال تعالى: " وَإذ لَتم يَقتَدُوابِهِءفَسَيَقُولُونَ هَذَآ أِفك قَدِيص أ!،) " أ الأحقاف: 1 1،،
او كما قال ابو علي الفارسي: "من عرف الف، ومن جهل استوحش ". الأشباه
والنظائر النحوية للسيوطي 3/ 464.
ومن أعجب العجب أن أكثر من يسخرون من البيان الآن هم بعض أساتذة
العربية الذين يدرسونها في الجامعات (نحواً وأدباً وبلاغة)، وأرجو من قارئي العزيز
أن يأذن لي مرة واحدة - إن شاء اللّه - بذكر بعض التجارب الخاصة، واستعمال
ضمير المتكلم.
بين الدعابة والسخرية:
لي صديقان أحدهما طبيب والَاخر صيدلي، يحبان الأدب حبّاً جفاً،
ويحرصان على قراءة ما أكتب، ويطربان جداً لما اجت! د فيه من ضروب البيان
وتحسين العبارة، وعلى الجانب الَاخر يقرا بعض زملائي من اساتذة العربية هذا الذي
أكتب، فيداعبونني بمثل قولهم: إيه الكلام ده؟ إيه الأساليب دي؟ ألفاظك كلها
كلاكيع! واعلم يقيناً أنه لولا المحبة لاستحالت هذه الدعابة سخرية لاذعة وإزراء
شديداً.
360