كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

في عاميتنا المصرية، تقول: أكلت أكل - شربت شرب - نمت نوم - الأهلي لعب
لعب.
ومن ذلك باب تعدي الأفعال بنفسها أو بحرف الجر، مثل شكرته وشكرت له،
ونصحته ونصحت له، فلا يكاد الكتاب يستعملون إلا الأول. . . إلى أبواب نحوية
اخرى كثيرة أهملت وعطلت.
على أن من أبواب النحو التي كادت تختفي الَان تماماً، باب التوكيد اللفظي،
وهو إعادة الكلمة بلفظها - والاستغناء عنه بالتوكيد المعنوي، وهو التوكيد بالنفس
أو بالعين أو بكل وجميع، مع أن التوكيد اللفظي أوصح مجالاً من التوكيد المعنوي،
كما قال علم الدين اللورقي الأندلسي المتوفى سنة 611، قال: "لأنه يدخل في
المفردات الثلاث - يعني الاسم والفعل والحرف - وفي الجمل، ولا يتقيد بمُظهَر
او مُضْمَر، معرفة او نكرة، بل يجوز مطلقاً"، الأشباه والنظائر النحوية 2/ 229.
ولعل الذي زهد الناس في أيامنا في استعمال التوكيد اللفطي، هو ما تلقوه في
دراسة النحو، من مثل: جاء جاء محمد، أو جاء محمد محمد، وهذه أمثلة تعليمية،
وفي مثل هذا يقول سيبويه كثيراً: "وهو تمثيل ولا يتكلم به"، ويقول ابن جني:
"التمثيل للصناعة ليس ببناء معتمد" الخصائص 97/ 3، ولو التمس معلِّمو النحو
أمثلة التوكيد اللفظي من الكلام الفصيح لوجدوا منه أمثلة ذوات عدد تغري باستعماله
واعتياده، من نحو قوله تعالى: "كَلً إِذَا بُمَتِ اَلأَرْضُى بَمّ بم ص اوًجَآ ربُكَ وَاَلمَلَكُ صَفا
صَفًا أ؟ نيإ" 1 الفجر: 1 2، 22،، ومن نحو قول عروة بن أذينة:
لقد علمت وما الِإشراف من خلقي ان الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى له فَيُعَنِّيني تط! بُه ولو قعدت أتاني لا يعئيني
وكل حظ امرىء دوني سيأخذه لا بد لا بد أن يحتازه دوني
ولعدم إلف الناس الَان لهذا التوكيد اللفظي يظن بعض من يقع إليه شيء منه أنه
من باب التكرار الخاطىء.
363

الصفحة 363