كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

المعاجم اللغوية .. والهجوم الذي لا ينتهي (1)
كتب أستاذنا الكبير الدكتور شكري محمد عياد، في عدد "المصور"، 17 من
مارس الماضي كلمة جعل عنوانها "عاشق العربية " حيّا فيها شيخنا ابا فهر محمود
محمد شاكر، وإذا اجتمع للكلمة شرف الكاتب وشرف المكتوب إليه كانت ذخيرة
تحفظ وتصان، وأيضاً فإن الكاتب الجاد يفتح امام قارئه أبواباً من النظر، ويستخرج
منه ألواناً من الفكر كانت دفينة لولا إثارة هذا الكاتب الجاد.
وهكذا عؤَدنا ذلك الأستاذ الجليل: يمتعنا بما يكتب، ثم يمد لنا من حبالط
الفكر والبيان، ويصلنا بأسبابه، فنمضي معه موافقين أو مخالفين، والكاتب العظيم
لا يحفل كثيراً بموافقة أو مخالفة، فحسبه أنه يحرك الساكن، ويجري الراكد، ويهز
المألوف، بل إن المخالفة قد تعجبه أحياناً، لأنها ترده إلى الرأي الأولط، فيستدرك
فائته ويكمل نقصه، فيزداد جلاء ووضوحاً، وقد يقتنع بالراي المخالف إذا عرف
صدقه، ولمعت امامه أنواره، وثبتت لديه صحته، فيرجع عما قالط راضياً سعيداً،
على ما قالط عمر بن الخطاب في كتابه إلى أبي موسى الأشعري في القضاء:
" لا يمنعنك قضاء قضيته اليوم، فراجعت فيه عفلك، وهُديت فيه لرشدك، أن ترجع
إلى الحق، فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل "، الكامل
للمبرد 1/ 20.
وكان مما قاله الأستاذ الكبير في كلمته عن أبي فهر، وإعجابه بجهوده وجهاده
__________
(1) مجلة "الهلال"، ما يو 5 9 9 1 م.
365

الصفحة 365