كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)

من قبل، قال حين تحدث عن عيوب المعجم العربي: "فهذه العيوب تنقسم إلى
ثلاث مجموعات: منها ما يمكن تهذيبه، ومنها ما يمكن تطويره وتحديئه، ومنها
عصي يرتبط بمسألة تدوين اللغة، وهو ما لا يمكن تهذيبه أو تحديثه "، المعجم
العربي ص 0 26.
فهذا الذي يرتبط بمسألة تدوين اللغة هو روح اللغة ونظامها الذي لا ينبغي أ ن
يُمس بحال، ومن ثم لا ينبغي أن يوصف بعسر ترتيب أو سوء ترتيب، وليس أمام
الباحث الَان إلا مد حبال الصبر والاستمساك بعرى الأناة، والتدرج في مرافي الِإلف
والعادة، لتنفتح له مغاليق هذه المعجمات الكبار، وأعرف أناساً من أهل العلم ثم من
شداته والمبتدئين فيه، يقرأون اللسان والتاج في يسر وسهولة، ويقعون على حاجتهم
منه في غير مؤونة ولا كلفة.
وليس يخفى الفرق بين شخصين، يطلب احدهما معنى كلمة أو تركيب، ويريد
الثاني تحرير قضية لغوية، تتصل بالأبنية أو الدلالة، فالأول يكفيه معجم صغير، مثل
مختار الصَّحاح أو المعجم الوجيز أو الوسيط اللذين أصدرهما مجمع اللغة العربية
بالفاهرة، وفيهما جهد كبير، أما الثاني فلا بدَّ له من أن يركب الصعب، ويأخذ نفسه
بالجلادة والصبر، إن معرفة اللغة والوقوف على شيء من أسرارها لا يكفي فيها
اللسان او التاج، بل لا بد فيها من الرجوع إلى ما لا يُحصى من كتب اللغة الصغار
والأوساط، وكتب الألفاظ، ومعاجم المعاني وشروح الشعر، وشروح غريب القرآن
وغريب الحديث، وكتب الأمالي والمجالس، بل كتب التاريخ والبلدان والمعارف
العامة.
ويبقى التنبيه على عدة أمور:
أولاً: ثبت - إن شاء الله - ان لسان العرب وتاج العروس هما أوسع المعاجم
اللغوية واغزرها مادة، وانهما قائمان على أساس التجميع من المعاجم السابقة ليس
غير، فهما بهذا الوصف داخلان في حيز الموسوعات، والتعامل مع الموسوعات له
أدوات، منها الصبر وبذل الجهد، والنفس الطويل، والخبرة السابقة بكتب العربية في
373

الصفحة 373