كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 1)
على أن هناك أسباباً أخرى للندرة والنفاسة، ولا يمكن حصرها والِإحاطة بها
هنا، وإنما يظهر منها الشيء بعد الشيء، ومعرفة ذلك موكولة إلى ثقافة المفهرس،
ومعرفته بتاريخ الكتب وحال المطبوع منها، وعن أي أصول خطية حُقق الكتاب، ولا
يتأتى هذا إلا بعد دربة وكثرة تفتيش، ومجالسة ومشافهة اهل العلم، وقد ادركت
طائفة منهم كانت احوال المخطوط والمطبوع من تراثنا عندهم على طرف الثُّمام.
وقد يُطبع الكتاب ويشيع، وتكثر إفادة الدارسين منه وإحالتهم عليه، ثم تظهر
منه مخطوطة تشتمل على زيادات ليست في ذلك المطبوع منه، والأمثلة من ذلك
كثيرة، أكتفي منها بمثال واحد: هو شرح ديوان المتنبي للواحدي، والواحدي هو:
أبوالحسن علي بن احمد بن محمد، المتوفى بنيسابور سنة 468 هـ، وهو عالم
بالتفسير والأدب، ومن أشهر تصانيفه: أسباب نزول القراَن الكريم، وتفاسير 5:
البسيط والوسيط والوجيز.
ويعد شرحه لديوان المتنبي من اقدم شروحه واحسنها، وقد تنبه له
المستشرقون منذ زمن بعيد، فنشره المستشرق الألماني فريدرك ديترصي بمدينة برلين
سنة 1276 هـ- 0 186 م، أي منذ 135 عاماً، وما زالت هذه هي الطبعة الوحيدة التي
بأيدي الناس.
مخطوطة نفيسة:
وقد رأيت من هذا الشرح مخطوطة نفيسة في أثناء عملي بعمادة شؤون
المخطوطات بجامعة الِإمام محمد بن سعود التي أشرت إليها. وهذه المخطوطة
منسوخة سنة 680 هبخط نسخي جيد مضبوط، وكتبت أبيات المتنبي بخط الثلث
الكبير.
وفضلاً عن قدم هذه المخطوطة وجودة خطها فقد اشتملت على خاتمة لم تأت
في طبعة برلين المذكورة، وهذا نصها، يقول الواحدي:
"هذا آخر ما اشتمل عليه ديوانه الذي رتبه بنفسه، وهو خمسة آلاف وأربعمائة
388