كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

والي المدينة "أن أحصِ من قِبَلَك من المخنثين " يريد إحصاء بأسمائهم. فلما وصل
الكتاب إلى ابن حزم صحف كاتبه فقرأ "اخصِ" بالخاء المنقوطة من فودتى.
قال الراوي: فدعا ابن حزم بمن عرف من المخنثين - وكانوا ستة أو سبعة-
فخصاهم، قال ابن جُعدبة: فقلت لكاتب ابن حزم: زعموا أنه كتب إليه: أ ن
أحصهم. فقال: يا ابن أخي، عليها واللّه نقطة إن شئت اريتكها. وقال الأصمعي:
عليها نقطة مثل سُهيل - وهو النجم المعروف -. ورُوي أن احد المخنثين قال لما
اختلفوا في الحاء والخاء، لا أدري ما حاؤكم وخاؤكم، قد ذهبت خُصانا بين الحاء
والخاء. انظر لهذه القصة: تصحيفات المحدَثين لأبي احمد العسكري 72/ 1،
وشرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف، له أيضاَ ص 43، والتنبيه على حدوث
التصحيف لحمزة بن الحسن الأصفهاني ص 10، وتصحيج التصحيف وتحرير
التحريف لصلاخ الدين الصفدي ص 17، والحيوان للجاحظ 1/ 1 12.
ولا ينبغي التشكيك في هذه القصة، لأنها مروية بأسانيدها، ولأن هؤلاء الذين
خصوا معروفون بأسمائهم، ويقال في ترجمة كل منهم: " وهو ممن خُصي بالنقطة ".
انظر مع المراجع السابقة الأغاني لأبي الفرج 4/ 276 (طبعة دار الكتب المصرية).
فهذه اشهر نقطة، صنعت ما صنعت قديماَ.
أما النقطة الثانية فكانت في أوائل الستينات من هذا القرن، حين كتب الدكتور
لويس عوض في الأهرام، على امتداد شهري أكتوبر ونوفمبر 1964 م، سلسلة
مقالات حول ابي العلاء المعري ورسالة الغفران، وجعل عنوانها: "على هامث!
الغفران شيء من التاريخ "، وفي بعض هذه المقالات أورد الدكتور لويس من شعر
أبي العلاء قوله:
صلِيَت جمْرة الهَجِير نهاراً ثم باتت تَغِصُّ بالضُلبان
هكذا أثبت الدكتور قافية البيت " الصلبان " بباء منقوطة بنقطة واحدة، على أنها
جمع " صليب "، وكتب تحت البيت " سقط الزند في وصف حلب "، وساق الكلام كله
في بيان غلبة نصارى الروم على أهل الِإسلام.
400

الصفحة 400