كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

ابي احمد العسكري -وهو خال ابي هلال صاحب كتاب الصناعتين، وكتاب
ديوان المعاني - يقول ابو احمد: "فالاحتراس من التصحيف لا يُدرك إلا بعلم
غزير، ورواية كثيرة، وفهم كبير، وبمعرفة مقدمات الكلام، وما يصلح ان يأتي بعدها
مما يشاكلها، وما يستحيل مضامته لها ومقارنته بها، ويمتنع من وقوعه بعدها،
وتمييز هذا مستصعب عسر إلا على اهله الحاملين لثقله والمستعذبين لمرارته، وقد
قالت الحكماء: العلم عزيز الجانب، لا يعطيك بعضه او تعطيه كلك، وقالوا:
لا يدرك العلم براحة الجسم "، شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ص 1، 2.
هذا وقد عزَف العلماء التصحيف والتحريف بتعريفات شتى، اعدلها واتربها
إلى الصواب ما قيل من ان التصحيف: هو تغيير في نقط الحروف او حركاتها مع بقاء
صورة الخط، مثل كلمة "العيب" التي يمكن ان تقرا هكذا، وتقرأ ايضاَ: الغيث-
العنب - الغيب - العتب. فلو اهمل النقط في هذه الكلمة لأمكنك تحديد المراد عن
طريق السياق والقرائن والفطنة، على الوجه الذي بثنه ابو احمد العسكري.
واما التحريف: فهو العدول بالشيء عن جهته، قال عزَ مِن قائل: "مِنَ اَلَذِينَ
هَادُوأ يُحَزِمؤُنَ اَلكلَمَ عَن ئَوَاضِحعِهِء" أ النساء: 46)، وقال تقدست اسماؤه: " وَقَدْكَانَ
فَرِيى ئِتهُغ! منمَعُونَ! نَمَ اَلنَهَ ثُزَ يُحَزِفُونَه مِن شدِ مَا عَقَلُوُه وَهُتم يَغلَمُوتَ؟ آ في ا "
ا البفرة: 175.
والتحريف قد يكون بالزيادة في الكلام أو النقص منه، وقد يكون بتبديل بعض
كلماته، وقد يكون بحمله على غير المراد منه، فهو بكل هذه التعريفات أعم من
التصحيف، وبعض القدماء لا يفرق بين التصحيف والتحريف، يجعلهما مترادفين.
راجع الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير. شرح الشيخ أحمد
محمد شاكر ص 172.
والمأخذ اللغوي لمصطلج "التصحيف" يرجع إلى الأخذ عن الصحف، دون
التلقي من أفواه المشايخ، لأن علومنا في الأصل قائمة على التلقي والرواية
والمشافهة.
402

الصفحة 402