كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

بات يستره ربه، فيبيت يستره ربه، ويصبج يكشف ستر النّه عنه" صحيج مسلم،
تحفيق محمد فؤاد عبد الباقي ص 2291.
ومن الثاني: ما اخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي برزة الأسلمي، قال:
قال رسول الله! ي!: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الِإيمان قلبه، لا تغتابوا
المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فمانه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله
عورته يفضحه في بيته "، مسند أحمد 4/ 421، واخرجه مرة أخرى من حديث ثوبان
مولى رسول الله مجفَ، بلفظ: " لا تؤذوا عباد الله ولا تعيِّروهم، ولا تطلبوا عوراتهم،
فمانه من طلب عورة اخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته "، مسند احمد
6/ 279.
اما ما يطلبه الألمعتاذ صلاح عيسى، من أن يكتب العرب سيرهم الذاتية بنفس
الصراحة والصدق اللذين كتب بهما " جان جاك روسو" اعترافاته، فهذا ليس عدلاً،
وليس إنصافاَ، مع ما فيه من إغفال للموروث الديني، فجان جاك روسو ومَنْ إليه من
سائر القوم يرجع إلى بيئة مختلفة عن بيئتنا، واعراف اجتماعية مباينة لأعرافنا،
وموروث ديني يغاير موروثنا.
وليس يخفى ان مصطلج "الاعترافات" عند القوم له دلالة خاصة ترتكز على
أساس ديني، وتتطلب إجراءات ووسائط يعرفها الناس، أما في موروثنا الديني فالأمر
في غاية اليسر والسهولة، فما عليك إلا أن تكاشف نفسك في لحظة صدق، وحدك
منفرداَ، تبسط اخطاءك وخطاياك أمام عينك، ناوياًالبراءة منها، والخلاص من
أثقالها، طالباً من ربك - ليس بينك وبينه حجاب - العون على تجاوزها، معاهداً له
على عدم العودة إليها، فإذا صج منك العزم واستجبت للبراءة والتوبة في ظاهر أمرك
وباطنه، خرجت من ذنوبك كلها كيوم ولدتك أمك، وليس للناس بعد ذلك حاجة في
ان يعرفوا ما كان منك وما صرت إليه، فحسبهم منك الوجه الطيب والعمل الزاكي.
ويبقى في كلام الأستاذ صلاح عيسى ما ينبغي الوقوف عنده، والاحتفال به،
وهو "الصدق " فيما يكتبه الناس من سيرهم الذاتية.
411

الصفحة 411