كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 127/ 20، وروي انه قال: والله ما تركت ذلك
علانية إلا وأنا أقوله سزاً وأكثر منه.
ومن هذا الباب ايضاً ما روي أن علوئاً قال لأبي العَيْناء: اتبغضني وقد امرت
بالصلاة عليئَ؟ تقول: صفَى الله على محمد واَله. قال ابو العيناء: إني أقول: "الطيبين
الأخيار" فتخرج انت. ربيع الأبرار 1/ 717.
وابو العيناء هذا: اسمه محمد بن القاسم، كان اديباً فصيحاَ، من ظرفاء الدنيا،
ومن اسرع الناس جواباً، اشتهر بنوادره ولطائفه، وكان ذكئاً جداً، حسن الشعر،
مليح الكتابة والترسل، خبيث اللسان في سب الناس والتعريض بهم، نشا بالبصرة
وتوفي بها سنة 283، كُفَ بصره بعد بلوغه اربعين سنة، قال عنه الخليفة العباسي
المتوكرا. لولا انه ضرير لنادمته، فبلغه ذلك فقال: إن اعفاني من رؤية الأهلة وقراءة
نقوش الفصوص، فأنا أصلج للمنادمة، وَفَيَات الأعيان لابن خلكان 345/ 4،
والأعلام للزركلي 7/ 226.
وروي عن الجاحظ أنه قال: كان رجل من أهل السواد - والسواد: ناحية
بالعراق افتتحها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب، سميت بذلك لكثرة الزروع
والنخيل والأشجار بها، والعرب تسمي الخضرة سواداَ - كان هذا الرجل يتشيع،
وكان ظريفاَ، فقال ابن عم له: "بلغني انك تبغض عليّاً عليه السلام (أي تدعو الناس
إلى بغضه وكراهيته) والله لئن فعلت لتردن عليه الحوض ولا يسقيك! قال: والحوض
في يده يوم القيامة؟ قال: نعم، فقال: وما لهذا الرجل الفاضل يقتل الناس في الدنيا
بالسيف وفي الَاخرة بالعطش؟ فقيل له: أتقول هذا مع تشيعك ودينك؟ قال: والله
لا تركت النادرة ولو قتلتني في الدنيا، وادخلتني النار في الَاخرة"، معجم الأدباء
لياقوت الحموي ص 2108 (طبعة الدكتور إحسان عباس، وهي طبعة عظيمة فاقت
الطبعتين السابقتين: طبعة مرجليوث، وطبعة فريد رفاعي).
ومن باب الصدق مع النفس ايضاً قول دعبل بن علي الخزاعي، الشاعر
419

الصفحة 419