كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
ومن وصايا الشر أيضاًالتي سجلتها الكتب: ما وضَى به ابو النجم العجلي
الراجز الشهير المتوفى (130 هـ) بناته الثلاث، قال للأولى:
أوصيتُ من بزَة فلباً حِزا بالكلب خيراً والحماة شَزا
لا تسأمي ضرباً لها وجزا حتى ترى حلو الحياة مزا
وإن كستك ذهباَ ودُرّا والحيئُ عمّيهم بشرِّ طُزا
وقال للثانية:
سُبي الحماة وابهتي عليها وإن دنت فازدلفي إليها
وأوجعي بالفهر ركبتيها ومرفقيها واضربي جنبيها
يقال: بهته بهتاَ: أخذته بغتة، ولعلماء اللغة في قول أبي النجم " ابهتي عليها"
كلام كثير انظره في الضَحاح للجوهري، والتنبيه والِإيضاح عما وقع في الصَحاح لابن
بري، والتكملة والذيل والصلة للصاغاني، وكلها معاجم لغوية.
الفِهْر: بكسر وسكون الهاء: الحجر يملأ الكف.
وقال للثالثة:
أوصيك يا بنتي فإني ذاهبُ اؤصيأ أن تحمدك القرائب
والجار والضيف الكريم الساغب لا يرجع المسكين وهو خائب
ولا تني أظفارك السلاهب منهن في وجه الحماة كاتب
والزوج إن الزوج بئس الصاحب
والأظافر السلاهب: الطويلة.
وروي أن هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي سمع هذا الشعر من ابي النجم
ثم قال له: ما هكذا أوصى يعقوب ولده! قال ابو النجم: ولا انا كيعقوب، ولا بني
كولده! راجع الكامل للمبرد ص 998، والأغاني لأبي الفرج 0 1/ 156.
هكذا وصى دويد بن زيد، وابو النجم. وسبحان خالق الطباع، ومصزف القلوب.
وما أصدق كتبنا ومؤرخينا في تسجيل الحياة بخيرها وشرها وحسنها وسيئها!
424