كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
ابن أخيه - "لقد هجمت بالعقوبة حتى كأنك لم تسمع بالعفو! قال: لأن بني مروان
- يعني الأمويين - لم تبل رممهم، وآل ابي طالب -يعثي العلويين - لم تغمد
سيوفهم، ونحن بين قوم قد راونا أمس سوقة - اي من عامة الناس - واليوم خلفاء،
فليس تتمهد هيبتنا في صدورهم إلا بنسيان العفو، واستعمال العقوبة "، تاريخ
الخلفاء للسيوطي ص 267، وهو كلام عال نفيس، فاقرا 5 مرة اخرى.
اما حديث الشعر في الصدق مع النفس فهو كثير جداً، ومنه قول حارثة بن بدر
الغُدَا ني التابعي الجليل المتوفى (64 هـ) وهو ما روا 5 أبو الفرج الأصبهاني،
والشريف المرتضى، قالا: "اجتاز حارئة بن بدر الغداني بمجلس من مجالس قومه
من بني تميم، ومعه كعب مولاه، فكلما اجتاز بفوم قاموا إليه وقالوا: مرحبا بسيدنا،
فلما ولَى قال له كعب: ما سمعت كلاما قط اقز لعيني، ولا الذ بسمعي من هذا الكلام
الذي سمعته اليوم، فقال له حارثة: لكني لم اسمع كلاماَ قط أكر 5 لنفسي وابغض إليئ
مما سمعته! قال: ولم؟ قال: ويحك يا كعب، إنما سؤَدني قومي حين ذهب خيارهم
واماثلهم، فاحفظ عني هذا البيت:
خلت الديار فسُدت غير مُسَوَد ومن البلاء تفزُدي بالسؤدد
أرايت موضوعية وصدقاَ ونقدأ للذات ابرع من هذا؟ وما احرى كثيراَ من
اصحاب المناصب الان أن يتمثلوا بهذا البيت لو رزقوا الصدق مع أنفسهم.
وانظر الخبر في الأغاني - ملحق الجزء الثامن ص 242، من طبعة دار الكتب
المصرية، وأمالي الشريف المرتضى 388/ 1، ثم انظر شرح الحماسة لأبي علي
المرزوقي ص 807، ففيه كلام عن التوجيه النحوي للبيت، إن كنت تحب النحو،
وأود لك أن تحبه.
وهذا البيت الحكيم الذي أنشده وتمثل به حارثة بن بدر، هو من قطعة أوردها
أبو تمام في حماسته، ونسبها لرجل من خثعم، لم يذكر اسمه -راجع الموضع
المذكور قريباً من شرح الحماسة للمرزوفي - ونسبه ياقوت الحموي، ضمن ستة
أبيات، إلى عمرو بن النعمان البياضي، معجم البلدان 703/ 1، في رسم "البقيع"
426