كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
والأصول في كل علم، ولم يغلبوا جانبا على جانب، شان دور النشر التجارية التي
تتحسس حاجة السوق وتلبي رغبات عاجلة لخدمة بعض الاتجاهات.
فهم قد نطروا إلى التراث نظرة شمولية كلية، فنشرت مطبعة بولاق: منهاج
الشُنة النبوية لشيخ الِإسلام ابن تيمية، ثم طبعت الفتوحات المكية لابن عربي،
ويا بُعد ما بينهما، وطبعت من تراجم المشارقة وَفَيات الأعيان لابن خلكان، ومن
تراجم المغاربة نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب للمقَري، وطبعت تفسير
الطبري والفخر الرازي وصحيج البخاري وشرحه لابن حجر وللقسطلاني، ثم طبعت
الف ليلة وليلة، طبعتين.
رابعاَ: تزامن نشاط مطبعة بولاق مع الدعوة إلى العامية التي تولى أمرها تفر من
الأجانب الذين حلوا بمصر، وقد جاهد هؤلاء في الترويج لدعوتهم الخبيثة جهاداً
لاهثاَ، وقد صانعهم وظاهرهم قوم أغبياء من أهل جلدتنا.
ومما لا شك فيه ان طبعات بولاق من اصول التراث العربي في ذلك الوقت
كانت. خير وسيلة للوقوف في وجه تلك الأفكار، ثم إنها من وراء ذلك قد غذت
عقول أرباب العلم واهل الأدب، حين وضعت أمامهم زاداَ شهئاً من علوم الأوائل
وآدابها، اعانهم على ما هم بسبيله من الِإبداع والِإحسان، فكانت البعث والتنوير
الذي حمل لواء5 رفاعة الطهطاوي ومحمود سامي البارودي، والشيخ حسين
المرصفي، ومن سار في طريقهم.
خامساً: أقدمت مطبعة بولاق في ذلك الزمان المبكر على طبع الموسوعات
الضخمة، مثل لسان العرب (20) جزءا، والأغاني (20) ايضاَ، وتفسير الطبري
(30) جزءاً.
سادساً: حرصت مطبعة بولاق في كثير من منشوراتها على طبع كتاب أو أكثر
بهامش الكتاب الأصلي. وهذه الظاهرة دالة بوضوح على أن القوم كانوا في سباق
لنشر العلم والمعرفة.
431