كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

الحديث، وكتاب سيبويه يعلمني القياس، وأنا أقيس الحديث، وافتي به"، (معجم
الأدباء ص 43 4 1، طبعة د. إحسان عباس)، وهي أصج الطبعات.
هذا وقد روى الزجاجي قصة تؤكد هذا الخبر، قال: " وكان أبو عمر الجرمي
يوماً في مجلسه، وبحضرته جماعة من الفقهاء، فقال لهم: سلوني عما شئتم من
الفقه، فإني أجيبكم على قياس النحو، فقالوا له: ما تقول في رجل سها في الصلاة،
فسجد سجدتي السهو فسها؟ فقال: لا شيء عليه، قالوا له: من اين قلت ذلك؟ قال:
أخذته من باب الترخيم، لأن المرخَّم لا يُرخم)).
ورويت هذه القصة أيضاَ عن ابي زكريا الفراء، بإجابة أخرى شبيهة بالسابقة،
وذلك قوله: "اخذته من كتاب التصغير؟ لأن الاسم إذا صُغِّر لا يُصغَّر مرة اخرى "،
(مجالس العلماء للزجاجي ص 251، 252).
ومما ينبغي التنبه له أن بعض علماء الفقه كانوا يلجأون إلى بعض علماء النحو؟
ليضبطوا لهم بعض مسائلهم الفقهية، ومن ذلك ما ذكره ال! رخسي صاحب كتاب
المبسوط، في أثناء شرحه لكتاب السير الكبير لمحمد بن الحسن الشيباني صاحب
الِإمام ابي حنيفة، قال: "اعلم باًن أدق مسائل هذا الكتاب وألطفها في ابواب
الأمان، فقد جمع بين دقائق علم النحو ودقائق أصول الفقه، وكان - اي محمد بن
الحسن، يشاور فيها عليّ بن حمزة الكسائي رحمه اللّه تعالى، فإنه كان ابن خالته،
وكان مقدماَ في علم النحو"، شرح السير الكبير 1/ 252.
وفي مكتبتنا العربية كتاب حاشد، يدور حول ربط الففه بالنحو، هو كتاب:
"الكوكب الدري في تخريج الفروع الفقهية على المسائل النحوية " لجمال الدين
الِإسنوي، من علماء القرن الثامن.
ولا اظنني بحاجة إلى الاحتشاد والاستشهاد على سلطان النحو على سائر علوم
العربية، ودورانه في نسيج الثقافة العربية، فهذا شيء مسطور في الكتب، ومحفوظ
في صدور الذين أُوتوا العلم، لكن لا باًس من الِإشارة إلى بعض الأمثلة التي تؤكد
سلطان النحو على اللغة وعلى الفكر والفن معاَ، وهذه الأمثلة التي تاًتيك أيها
439

الصفحة 439