كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

القيامة فعلاً في هذا ونحوه لو رفعنا ما حقه النصب، أونصبنا ما حفه الرفع. وترى
لذلك نظائر كثيرة في الشعر، وفي غيره من مأثور كلام العرب.
ثم يقول! الأستاذ الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي: " والمبالغة في الاهتمام
بالنحو ليست دائما دليلاً على نهضة أدبية أو حاسة لغوية يقظة، بل ربما كانت
بالعكس دليلاً على ضعف السليقة وانحطاط الملكة، هكذا رأينا أن عصور الانحطاط
التي شهدتها الاداب اليونانية في المرحلة الهللينية أو السكندرية كانت مصحوبة
بنشاط واسع لعلماء النحو والعروض، وكذلك في عصور الانحطاط التي شهدتها
روما في القرن الرابع الميلادي. . . "، ويجيء بعد ذلك كلام نستبقيه إلى حين.
ضعف الحجة:
وهذا كلام غريب حقاً، وبدءة ذي بدء، فليس صحيحاً ولا عدلاً أن نضع نحو
اولئك القوم وعروضهم بإزاء نحونا وعروضنا، فالجهة منفكة كما يقول! اهل
المنطق. فإن الأمر على نحو ما قال! أبو عمرو بن العلاء: "ما لسان حِمْير وأقاصي
اليمن اليوم بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا".
على ان الزج بهذه الكلمات: الآداب اليونانية، والمرحلة الهللينية
والسكندرية، وروما في القرن الرابع. . . كل ذلك وأشباهه مما يلقيه الكاتب إلى
القارىء أو السامع -وبخاصة المبتدىء- فيهزه هزاً، ثم يدهشه ويرعش عقله
ويخيفه (ويخضه) فتضعف حجته في الرد عليه أو دفعه لو وجد إليهما سبيلأ، على ما
جاء في الحديث الذي اخرجه البخاري ومسلم وغيرهما: " ونصرت بالرعب مسيرة
شهر".
ئم نعود إلى كلام الأستاذ حجازي الذي يقول! إن المبالغة في الاهتمام بالنحو
ليست دائماً دليلاً على نهضة أدبية. . . إلى آخر ما قال! وانتهى إليه من أن الاهتمام
بالنحو دليل على ضعف السليقة وانحطاط الملكة.
وليس بيننا وبين الأستاذ حجازي إلا التاريخ نلوذ به ونحتكم إليه: تاريخ نشأة
449

الصفحة 449