كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
نهر العطاء:
وعوداً على بدء، فإن هؤلاء الأثرياء النبلاء من أهل الجزيرة العربية والخليج
الذين بدأت بهم حديثي، موصولون بنهر العطاء الذي شقه اهل الخير والفضل من
أمتنا العربية والِإسلامية، وهم ينفقون بسخاء لا حدود له، سواء في جمع
المخطوطات وفهرستها والتعريف بها، أو في طبع الكتب وإذاعتها، او في رصد
الجوائز للعلماء والأدباء، وقد عرفت ذلك عن قرب، حيث شاركت في نشاط بعض
هذه المؤسسات، فقد دعيت إلى التدريب على فهرسة المخطوط الِإسلامي في ثلاث
دورات اقامتها مؤسسة الفرقان للتراث الِإسلامي "أحمد زكي يماني " بالقاهرة
واستانبول ولندن، ئم شاركت في ندوة عن تاريخ الطباعة العربية في القرن التاسع
عشر، اقامها مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، وفي هذه وتلك رأيت اهدافاً
نبيلة وخططاً محكمة راشدة، ورجالاً مخلصين أمناء، وإذا أتيح للعمل شرف المقصد
ونبل الغاية وخلوص النية ونزاهة النصج، بلغ من النجاح مبلغه، وانتهى من التوفيق
إلى مداه.
فهأنذا أيها السادة الأثرياء أدلكم على تجارة رابحة، وافتج أمامكم باباً واسعاً
من أبواب الخير، وأسأل اللّه أن تنشرح له صدوركم، وتهش له قلوبكم.
وذلك أني امرؤ شُغلت بالكتاب العربي، مخطوطاً ومطبوعاً، على امتداد
سبعة وثلاثين عاماً، وكان اهتمامي بالكتاب العربي المخطوط من طريق اشتغالي
بنسخ المخطوطات في صدر شبابي، ثم عملي بمعهد المخطوطات التابع للمنظمة
العربية للتربية والثقافة والعلوم، فسافرت كثيراً لانتقاء المخطوطات وفهرستها. ئم
كان احتفالي بالكتاب العربي المطبوع عن طريق اشتغالي بتحقيق الكتب، ومن أهم
عدة المحقق معرفة المطبوعات وتمييز ما بين الطبعات حتى يقوم توثيق النفول
وتخريج الشواهد على أساس صحيح.
ثم إني نظرت واطلت النظر، فرأيت اننا، على مستوى الأمة العربية والاسلامية
قد عنينا كثيراً بأمر المخطوطات، فأقمنا لها معهداً تابعاً لجامعة الدول العربية، عام
470