كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

العربية، وهناك قانون ملزم بذلك الِإيداع، لكني احسب ان هذا القانون إنما يلزم
الناشرين فقط من التجار واصحاب المطابع.
غياب الكتاب العربي:
فأنت ترى ايها القارىء الكريم أن الكتاب العربي المطبوع قد غاب مرتين:
المرة الأوى لتقادم عهد طباعته حتى صار كالكتاب المخطوط، والمرة الثانية لبعده
عن ايدي الدارسين بمحدودية توزيعه وإذاعته.
ولقد ادى غياب الكتب الان إلى غياب المرجعية في قضايا الفكر والأدب،
وصار كثير من الناس الان، وبخاصة المبتدئون من الدارسين يكتبون من رؤوسهم،
وما تسرع إليه خواطرهم، وقديماً قال الجاحظ: " وإنما يؤتى الناس من ترك التثبت
وقلة المحاسبة ". وقال الشيخ عبد القاهر الجرجاني: " وتلك جريرة ترك النظر وأخذ
الشيء من غير معدنه "، ولا يخفى ان من ترك التثبت وأخذ الشيء من غير معدنه
غياب الكتب والتعويل على الراي وحده.
إذن نحن مطالبون بأمرين: الأمر الأول: إنعاش ذاكرة الأمة العربية، وإنقاذ
تاريخها من قرارة النسيان وبئر الضياع، باسترجاع مطبوعاتها العربية على امتداد
الأربعمائة سنة التي اشرت إليها.
والأمر الثاني: رصد ومتابعة وجمع ما يطبع من الكتب العربية في كل بلدان
العالم أولاً بأول، وبتحفيق هذين الأمرين نكون قد عملنا على تجميع الكتاب العربي
المطبوع، وهو مقترحي الأساسي، وهدفي من هذه الكلمة كلها.
مكتبة العرب:
ولكن كيف يتم ذلك؟ وما السبيل إلى تحقيقه؟ والجواب وبالثه التوفيق، دون
تطويل أو ثرثرة، إنشاء مكنبة كبرى، تسمَّى "مكتبة العرب " ينشئها هؤلاء السادة
الأثرياء النبلاء، مجتمعين أو متفرقين، ويختارون لها مكاناً كبيراً في بلد عربي
يتوسط البلدان العربية، ويسهل على أبناء الأمة العربية النزول به والِإقامة فيه،
474

الصفحة 474