كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

وإذا كانت منظمة اليونسكو تعمل الان في مشروع "ذاكرة العالم "، فما أحرانا
نحن العرب أن نعمل في مشروع "ذاكرة العالم العربي " الذي يكون مجلاه "مكتبة
العرب " هذه.
أما كيف تقوم هذه المكتبة، وما هي الأسس التي تركز عليها، وما هي القواعد
الصحيحة التي تضمن لها البقاء والنمو والازدهار؟ فكل ذلك واشباهه موكول إلى
لجنة عليا تختار من كبار رجال الفكر والأدب في عالمنا العربي، تخطط لهذا الصرح
العربي الكبير، على أن ننبذ من تفكيرنا الِإقليمية والفردية. وما أريد أن أمد في حبال
الكلام عن هذه المكتبة وأهدافها، حتى لا يطول الحديث، والحديث إذا طال أمل
وأضجر، وإذا جاء موضع الكلام تكلمنا، وأخرجنا ما عندنا من تصورات
واقتراحات، لكني أريد أن أعجل واقول: إن تكاليف إنشاء مثل هذه المكتبة لن
تتجاوز ما ينفق على عشر ندوات ترائية لا تخرج إلى أبعد من التوصيات، وعشر
جوائز سنية لا تتجاوز جيوب أصحابها.
ولا عليكم أيها المفكرون والشعراء والمبدعون من أن تبطىء عليكم الجوائز
سنتين أو ثلاثاً، حتى يتحقق هذا الأمل الكبير، والله يعوضكم خيراَ، وسوف يكون
يوم افتتاح هذه المكتبة العظيمة إن شاء اللّه، عيداً لأولنا وآخرنا.
وبعد: فيا أيها السادة النبلاء، من اثرياء العرب الذين سخوا وجادوا، هذه
تجارة رابحة، دللتكم عليها، وفتحت لكم ابوابها، وأقمت لكم سوقها، فامضوا على
بركة اللّه وهداه، ونرجو أن يعود بكم وبفضل اموالكم تاريخنا العظيم، في إقامة دور
الكتب وخزائنها التي حفظت لنا ما بقي من تراثنا، وأدته إلينا سالماً، واستنفذته من
عوادي الناس والأيام، وسوف يكون في موازينكم إن شاء اللّه دعوة طالب علم
او معيد بإحدى الجامعات يتحرق شوقاً إلى مرجع قديم أو حديث لا تطوله يداه
الكليلتان، يجده ميسوراَ متاحاً في مكتبتكم "مكتبة العرب ".
أما انتم أيها السادة المستشارون الأمناء الذين عهد إليكم هؤلاء السادة الأثرياء
بالِإشراف على اعمالهم النبيلة هذه: لقد حملتم امراً عظيماَ فاصطبرتم له، وقد أديتم
476

الصفحة 476