كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
إعادة قراءة الشعر العربي كله أولاَ، ثم قراءة ما يقع تحت يدي من هذا الِإرث العظيم
الضخم المتنوع من تفسير وحديث وفقه، واصول فقه وأصول دين (هو علم الكلام)
وملل ونحل، إلى بحر زاخر من الأدب والنفد والبلاغة والنحو واللغة، حتى قرات
الفلسفة القديمة والحساب القديم والجغرافية القديمة، وكتب النجوم وصور
الكواكب، والطب القديم ومفردات الأدوية، وحتى قرأت البيزرة والبيطرة والفراسة،
بل كل ما استطعت أن اقف عليه بحمد النّه سبحانه، قرأت ما تي! ر لي منه، لا للتمكن
من هذه العلوم المختلفة، بل لكي ألاحط وأتبين وأزيج الثرى عن الخبيء
والمدفون ".
فهذه هي ثفافة أبي فهر التي دخل بها ميدان تحقيق التراث، الذي اختار هو من
عند نفسه نصوصه وأصوله، لم يملها أحد عليه، ولم يطلبها أحد منه، وكان من أبرز
هذه النصوص: طبقات فحول الشعراء لابن سلام، وتفسير الطبري (16 جزءاَ)،
وتهذيب الاثار وتفصيل الثابت عن رسول الله غ! يى من الأخبار، للطبري (ستة أجزاء)،
وجمهرة نسب قريش وأخبارها للزبير بن بكار (جزء منه)، ودلائل الِإعجاز، وأسرار
البلاغة، كلاهما للشيخ عبد القاهر الجرجاني، إلى نصوص أخرى نشرها قديما:
فضل العطاء على العُسْر لأبي هلال العسكري، والمكافأة وحسن العقبى،
لأحمد بن يوسف الكاتب المعروف بابن الداية، وإمتاع الأسماع بما للرسول من
الأبناء والأموال والحفدة والمتاع، للمقريزي (جزء منه).
ومما يستطرف ذكره هنا أن أول كتاب تراثي يضع فيه أبو فهر قلمه
بالتحقيق هو كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة، الذي أخرجه الشيخ محب الدين
الخطيب عام 1346 هـ= 1927 م، أي منذ (70) عاماً، وكان عمر 5 إذ ذاك (18)
عاماَ، وقد شاركه تصحيح صفحات من الكتاب أستاذنا عبد السلام هارون، برّد اللّه
مضجعه.
وفي هذه الأصول التراثية التي أخرجها أبو فهر، يظهر علمه الغزير الواسع
الذي لا يدانيه فيه أحد من أهل زماننا، لأنه علم موصول بكلام الأوائل، منتزع منه
481