كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

ودال عليه ومكفل له، والشيخ - حرس الله مهجته - يسير في طريق الفحول، لا
تَخْرِم مِشْيَتُهُ مِشْيَةَ واحد من الصدر الأول.
وقبل ان أستطرد إلى ذكر امثلة من منهج ابي فهر في تحفيق التراث؟ أحب ان
اضع أمامك ايها القارىء الكريم مثالاَ واحداً على دوران قضايا التراث في عقل هذا
الرجل، وانها شغله الشاغل وهمه الناصب.
أصل في علم البلاغة:
اخرج أبو فهر كتاب الشيخ عبدالقاهر الجرجاني "دلائل الِإعجاز" عام
4 140 هـ- 1984 م، وكانت طبعته الأولى عام 1321 هـ= 1903 م، وقد اخرجها
الشيخ محمد رشيد رضا. وهذا الكتاب يعد اصلاً في علم البلاغة وإعجاز القرآن،
وكان مما عالجه الشيخ عبد القاهر فيه الرد على من يقولون: " إن الفصاحة لا تظهر في
أفراد الكلمات، ولكن تظهر بالضم على طريقة مخصوصة "، وقد عزض الشيخ
عبد القاهر بأصحاب هذه المقالة في مواضع كثيرة من كتابه، كان منها قوله: " واعلم
ان القول الفاسد والرأي المدخول إذا كان صدره "اي صدوره " عن قوم لهم نباهة
وصيت وعلو منزلة في أنواع من العلوم غير العلم الذين قالوا ذلك القول فيه، ثم وقع في
الألسن، فتداولته ونشرته، وفشا وظهر، وكثر الناقلون له، والمشيدون بذكره، صار
ترك النظر فيه سنة والتقليد ديناً)!، الِإعجاز 4 46، 466، وانظر مقدمة التحقيق.
ويسأل الشيخ أبو فهر: من يكون هؤلاء الفوم الذين لهم نباهة وصيت. . . إلى
سائر ما وصفهم به الشيخ عبد القاهر؟ يقول ابو فهر: وفتَّشت ونفبت، فلم أظفر
بجواب أطمئن إليه، وتناسيت الأمر كله إلا قليلاً، نحواً من ثلاثين سنة، حتى كانت
سنة 1381 هـ= 1961 م وطبع كتاب "المغني" للقاضي عبد الجبار الفقيه الشافعي
المعتزلي، في تلك السنة صدر الجزء السادس عشر من كتاب "المغني"، فإذا هو
يتضمن فصولاً طويلة في الكلام على "ثبوت نبوة محمد ع! ير، وفي إعجاز القرآن
وسائر المعجزات الظاهرة عليه ع! ير". فلما قرأته ارتفع كل شك وسقط النقاب عن كل
مستتر، وإذا التعريض الذي ذكره عبد القاهر حين قال: "واعلم أن الفول الفاسد
482

الصفحة 482