كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

المصحف لوجدت الكلمة فيها هكذا " مَلِثِ" بالميم واللام والكاف، ولكنَ حفصًا
يقرا عن عاصم - وهي قراءتنا نحن المصريين - في فاتحة الكتاب "مَالِكِ" بالألف
بعد الميم، وكذلك يقرأ آية آل عمران، أما في سورة الناس فيقرأ " مَلِثِ" بدون
الألف، فلو كان حفص يقرأ وفق الرسم والشكل لقرا الثلاثة " مَلِثِ" ولكنه يقرا
بالرواية المتواترة. وانظر تفصيلاً أكثر في كتاب الدكتور عبد الفتاح شلبي: رسم
المصحف العثماني ص 33.
والمثال الثاني: قوله تعالى: "فَلَا رَفَثَ وَلَا قُسُوفَ وَلَاجِدَالَ " أ البقرة:
97 1 1، وقوله تباركت أسماؤه: " لًابَئح فِيهِ وَلَاخُلأ " 1 البقرة: 4 25)، قرأ ابن كثير
وأبو عمرو الاية الأولى "فَلاَ رَفَث وَلاَ فُسُوقٌ " بالضم والتنوين، وقرءا الاية الثانية
"لاَ بَيْعَ فِيهِ وَلاَ خُفَةَ" بفتحة واحدة خفيفة.
ووجه قراءة الضم ان "لا" هنا تعمل عمل "لي! " فيرتفع الاسم بعدها على انه
اسمها، ووجه قراءة الفتح ان "لا" هنا هي النافية للجنس، فالاسم بعدها يبنى على
الفتح في محل النصب، ويقال: إنه اسم " لا" النافية للجنس، التي تعمل عمل " إنَ ".
فلو كان ابن كثير وأبو عمرو يقرءان وفق الشكل أو الوجه النحوي لقرءا الَايتين
قراءة واحدة، إما بالضم في الاثنتين، أو بالفتح فيهما، ولكنها الرواية والتلقي.
ولا أحب أن أغادر هذا المكان دون أن أناقش هذه القراءة التي أشار إليها
الأستاذ الفاضل (جعل السفينة في رجل اخيه) - وهي تصحيف لقوله تعالى من الاية
0 7 من سورة يوسف " جَحَلَ اَلمئِمقَايَةَ فِى رَضلِ أَخِيهِ".
فهذه القرءة مما يتكفه به اهل زماننا، وواضج انها قراءة مصنوعة، كما صنعت
أمثلة أخرى من التصحيف أريد بها التسلي أو الِإضحاك ممن نسبت إليه.
وهذه القراءة المصخَفة تنسب إلى " عثمان بن أبي شيبة " المتوفى سنة 239 هـ
ويقولون إنه نبه على هذا التصحيف، وأن صواب التلاوة " جَحَلَ اَلمتِمقَايَةَ فِى رَضلِ أَخِيهِ"
فقال: "أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم " ويعلق الحافظ الذهبي على ذلك فيقول:
505

الصفحة 505