كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

العربي: أبو الهلال العسكري، وابو الحسن الَامدي، والقاضي علي بن عبد العزيز
الجرجاني، والشيخ عبد القاهر الجرجاني، ثم كان من صُنع اللّه لي وتوفيقه إياي أ ن
تخلُص أيامي للتراث العربي في فنونه المختلفة: ناسخاَ للمخطوطات ومفهرساَ لها
ومحقفاَ لنصوصها، ثم كان من فضل اللّه وإنعامه علي أيضاًان أتصل بأعلام التراث
وناشريه: محمود محمد شاكر وعبد السلام هارون والسيد احمد صفر ومحمد
أبو الفضل إبراهيم وحسن كامل الصيرفي، وهؤلاء جميعاَ فتحوا لي أبواباً من النظر،
ودئوني على فوائد من الكتب، ما كنت لأقف عليها وحدي. وهذه ثمار مجالسة أهل
العلم والرواية عنهم، وهذا مما حُرم منه شباب هذه الأيام.
ولقد كان من وصاة شيخنا محمود محمد شاكر -عليه رحمة النّه - أن نقرأ
الكتب كاملة، والاَّ نتعامل معها تعامل المراجع والمصادر، ناخذ حاجتنا ونمضي،
كالطائر العجل يَحْسُو من الماء حُسوة ثم ينطلق في فضاء اللّه.
وكان من وصاته لنا ايضاَ أن نقرا كتب الأدب التي تعنى باللغة والنحو مثل:
كتاب الكامل للمبرِّد، وامالي أبي علي القالي، وشرح الحماسة للمرزوقي، ولكنه
- رحمه اللّه - لم يكن يتحمس للجاحظ كثيراَ، مع إجلاله له وحفاوته به، لأنه يرى
أن الجاحظ يستطيل على الناس بذكائه، ويخدعهم بتصرفه في القول والبيان، ولعل
الذي زهّد شيخنا في الجاحظ هو ميوله الاعتزالية، والشيخ كما هو معروف من أهل
السنة والأثر، ولكني خالفت الشيخ رايه في الجاحظ، ولعل هذه هي المرة الأولى
التي أخالف فيها عن امره، ألم أنشدك من قبل:
يُديرونني عن سالم وأديرهم وجلدة بين العين والأنف سالم
أسس حضدرة فتية:
وُلد الجاحظ عام 160 هبالبصرة، وتوفي بها عام 255 هـ، فهذه خمسة
وتسعون عاماً ملأها الجاحظ بالقراءة والنظر والتاليف، ولم يُشغل عن ذلك كله
بزوجة ولا ولد، وقد ساعدته على ذلك نفس طلعة، راغبة في المزيد، لا تقنع بما
523

الصفحة 523