كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

مطبعة للمنشورات .. وليست للثقافة (1)
تشتجر الأقلام الان حول الحملة الفرنسية وأثرها على مصر؟ فمن قائل إنها
جاءتنا بالمن والسلوى، وانها أزالت عنا غواشي الظلم، واستنقذتنا من قرابة
التخلف وردغة الخبال، ومن قائل إنها مرَّغتنا في التراب وسامتنا سوء العذاب،
وتوشَط فريق ثالث فقال عن الحملة ونابليون إنهما جاءانا بشيء من النفع، وإثمهما
اكبر من نفعهما.
لكن الذي يعنيني هنا قصة تلك "المطبعة" التي أتى بها نابليون. لقد ضخم
الناس من امر هذه المطبعة تضخيماَ، ورأوا انها فتحت لنا طريق العلم والمعرفة.
وحقيقة الأمر أن هذه المطبعة لا تعدو او توشك أن تكون "اَلة كاتبة " كبيرة، أحضرها
نابليون معه لطبع منشوراته وأوامره باللغة العربية.
وكانت هذه المطبعة الصغيرة تعمل وهي على السفينة في عُرض البحر، وحين
اقتحم نابليون ثغر الِإسكندرية قام رجال حملته بتوزيع المنشوراب والأوامر التي
أعدوها في البحر، واطلق على هذه المطبعة الصغيرة آنذاك اسم " المطبعة الأهلية "،
ئم نقلت إلى القاهرة ووضعت في "بيت السناري " بحي السيدة زينب، وقد طبع
نابليون على تلك المطبعة الصغيرة إلى جانب المنشورات والأوامر: أمثال لفمان
الحكيم، ثم بعض رسائل في النصائح الطبية؟ استمالة لقلوب المصريين واجتلاباً
لرضاهم.
__________
(1) جريدة "الأهرام" (مصر)، 4 1 أ بريل 8 9 9 1 م.
0 4 5

الصفحة 540