كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
و "تترى " في هذا الخبر حال من ضمير الفاعل في 9 يسقط ".
وذكر ابن إسحاق في قصة مسير خالد بن الوليد، بعد فتح مكة، إلى بني
جذيمة، قول امرأة من هذه القبيلة، ترد على شعر شاعر: " وأنت فحييت سبعاً وعشراَ
وتراً، وثمانياً تترى " السيرة النبوية 2/ 434.
و "تترى" في محل نصب صفة قولها 9 وثمانيا" أي متتابعة. وفسرها أبو ذر
الخشني بقوله: تترى، أي تتوالى، شرح غريب السيرة ص 382، وهو تفسير غير
دقيق؟ لأنه فسر بفعل، فأوحى بأن "تترى" فعل أيضاَ، والأولى أن يقول: تترى:
متوالية.
وفي خبر معاوية حين ولي الخلافة، انه صعد المنبر، وخطب خطبة بليغة قال
فيها: "وإن السيل إن جاء تترى - وإن قل - اغنى "، سير أعلام النبلاء للذهبي
3/ 48 1، والعقد الفريد لابن عبد ربه 4/ 82، وفيه تصحيف يصحح بما عند
الذهبي.
وتأويل هذا الكلام: أن السيل إن جاء متتابعاَ متواتراَ كان فيه الفائدة والغناء وإن
كان قليلاَ، فتترى هنا في حال من الفاعل المضمر في "جاء".
وفي كلام لأبي العلاء المعري، يقول: " رُب حي أشرى، كأنهم ليسوث
الشرى. . . جاءتهم المنايا تترى "، الفصول والغايات ص 282، و"اشرى" جمع
" أشر"، وهو البطر الذي لا يشكر النعمة. وواضج ان " تترى " هنا حال من "المنايا".
وتأتي كلمة " تترى " في الخطب التي يفتتح بها المؤلفون كتبهم، ومن ذلك قول
صدر الدين البصري، صاحب كتاب الحماسة البصرية، قال: " الحمد دلّه حمداَ يكون
لقائه ذخراَ، والصلاة على نبيه محمد القائل: "إن من البيان لسحراَ"، صلاة دائمة
على ممر الأيام تترى ". و"تترى " صفة ثانية لصلاة، أي صلاة دائمة متواترة، وإن
كان وضع الكلمة في ذلك السياق يوهم انها فعل مضارع، فيه ضمير يعود إلى
" صلاة " كأنه قال: صلاة دائمة تستمر وتتصل.
559