كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

فهذ 5 أمثلة من دوران الكلمة في الكلام المنثور، أما مجيئها في الشعر فهو كثير
جداً، اجتزىء منه ببعض الأمثلة. فمن أقدم ما رأيته منه قول الحارث بن وعلة
الجرمي (جاهلي):
ولما رايت الخيل تترى أثائجا علمت باًن اليوم أحمس فاجر
اثائجاً: جماعات. واحمس: شديد. وفاجر: يركب فيه الفجور. شرح
المفضليات للأنباري ص 330، وقال الشيخان: أحمد شاكر وعبد السلام هارون،
في حواشي المفضليات ص 166، "تترى: متواترين، وهي من المواترة، وهي
المتابعة. . . ويخطىء كثير من الكتاب في عصرنا، فيظنونها فعلاً مضارعاَ،
ويضعونها موضعه ".
وقال سصيد بن جدعة (جاهلي أيضاً):
ونحن نفينا خثعما عن بلادها تقتل حتى عاد مولى شريدها
فريفين فرقاً باليمامة منهم وفرقاَ بخيف الخيل تترى خدودها
شرح المفضليات ص 4 1 1، ولا يخدعنك تقدم "تترى " هنا على الاسم، فتظن
انها فعل، وإنما الكلام على التقديم والتأخير، والأصل: " خدودها تترى " بدليل نظم
البيت السابق "عاد مولى شريدها"، وإنما الكلام: "عاد شريدها مولى "، والمولى:
هنا العبد. ثم لا يخدعنك أيضاَ شرح أبي العباس ثعلب لتترى، بقوله: " تترى، تتبع
بعضها بعضاً" حيث فسر بالفعل، فإنه شرح على المعنى.
وقول الشاعر: "خدودها" لم يشرحوه، وأرى انه هنا جمع خد، وهو الجمع
من الناس، فالخدود هنا: هي الجماعات، وليست تلك التي في الوجه.
وذكر ابن كثير عن ابن عساكر، ان سعدى بنت كريز خالة عثمان بن عفان،
قالت له تبشره، وتنبئه بزواجه من رقية بنت رسول الله! يِ!:
ابشر وحييت ثلاثاَ تترى ثم ثلاثاً وثلاثاًاخرى
560

الصفحة 560