كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
الشيخ الشعراوي .. والموازين الصحيحة (1)
في صباح يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شهر صفر من عام 1419 هـ،
الموافق للسابع عشر من شهر يونيو من عام 1998 م انتقل الشيخ محمد متولي
الشعراوي إلى الرفيق الأعلى، وقد أحدث موته دويّاً هائلاًاهتزت له مصر وسائر
الشعوب العربية والاسلامية، كما تهتز لموت عظماء الرجال.
وما كاد خبر وفاته يصل إلى اسماع الناس حتى ارتفعت أصواتهم بالعويل
والنحيب "في كل دار رنة وعويل "، فكان حالهم حال النابغة حين مات حصن بن
حذيفة:
يقولون: حِصن! ثم تأبى نفوسهم وكيف بحصن، والجبال جُنُوحُ؟
ولم تلفظ الأرض الفبور ولم تزل نجوم السماء والأديم صحيج
فعمَا قليل، ئم جاش نعيه فبات ندفي القوم وهو ينوح
او كما قال المتنبي حين بلغه نبأ وفاة أخت سيف الدولة:
طوى الجزيرة حتى جاءني خبر فزعت فيه بآمالي إلى الكذب
حتى إذا لم يدع لي صدقه أملاً شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
وسواء فزع الناس لحادثة الموت أو اطمأنوا، وسواء سخطوا او رضوا،
فالموت واقع لا محالة، فهو مصير كل كائن وغاية كل حي " وَمَاجَعَقَا لِشَرٍ من قتلِكَ
ألخُفدَ أَفَإِيْن! ا فَهُمُ اَلخلِدُونَ فيبم "] الأنبياء: 34)، وما رضى اللّه البقاء إلا لأهون
__________
(1) مجلة "الهلال"، أغسطس 8 9 9 1 م.
563