كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

خلقه عليه "إبليس" عليه لعائن اللّه تترى، وقد سأل ربه: " قَالَ رَث فَأَنظِزفى إِكَ يَوْوِ
يحبَثُونَ (فيبخا قَالَ فَإِنَكَ مِنَ اَتمُنظَرينَ (وثبر% إِكَ يَؤوِ أتوَقْمتِ ألشَلُو! لا 3! أَ " أ الحجر: 36 - 38)،
و اص: 79 - 81)، وانظرني: أي أمهلني ومد في حياتي.
ثم تنجلي غمرة الأسى على وفاة الشيخ الجليل عن سيل متدافع، في رثائه
والكتابة عنه والأسف على فقده. وقد شارك في هذه المراثي طوائف من خاصة الناس
وعامتهم. والحق أن أهل زماننا انقسموا في أمر الشيخ إلى طائفتين: الطائفة الأولى:
أحبته فأسرفت في حبه، وبالغت في شأنه. والطائفة الثانية: أبغضته وشنئته وأسرفت
في كرهه، وما انصف هؤلاء ولا عدل أولئك، والأمر في الحالتين كما قال علي بن
ابي طالب رضي اللّه عنه: " سيهلك فيَّ صنفان: محب مفرط يذهب به الحب إلى غير
الحق، ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحق، وخير الناس فيَّ حالاًالنمط
الأوسط فالزمو 5".
وإذا كانت الطائفة الثانية قد أساءب بسكوتها وتجاهلها، فإن الطائفة الأولى قد
اساءت ايضاَ بإسرافها ومبالغتها في الحديث عن الشيخ وكأنه نبي يوحى إليه، وليس
الطريق هنا او هنالك!.
من أي بئر يستقي؟!
وبدءة ذي بدء فإني أحب ان يكون واضحاَ أني من أكثر الناس معرفة بقدر
الشيخ الجليل، ومن أعظم الناس حباً له، وهو حب له أسبابه ومسوغاته، فمنذ اطل
هذا الوجه الكريم على الناس من شاشة التلفزيون في أوائل السبعينات، وأنا مرهف
له سمعي، صارف إليه عقلي، مسدد نحوه بصري، أريد أن أعرف مصادره، ومن أ ي
بئر عذبة يستفي، وفي أي كلأ مخصب يرتعي، ومن أي نار متأججة يقبس، ويوماً
بعد يوم استوى عمود الصورة أمامي لهذا الشيخ الجليل، وحين تم لي ذلك - من
خلال سماعي له ومشاهدتي إياه في التلفزيون فقط، وعلى غير لقاء أو تعارف بيننا،
إلى أن مات رحمه الله - رأيته واجباَ عليّ متعيناَ ان أقدم هذا الرجل للناس، على نحو
كاشف محلل، يتجاوز الِإعجاب الساذج إلى الِإبانة الصادقة عن منهج الرجل
564

الصفحة 564