كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
ولو كان الأمر كما يرى الدكتور لاستغل السعوديون الشيخ في صراعهم المر
مع الرئيس جمال عبد الناصر إبان حرب اليمن وغيرها. ولم يؤثر عن الشيخ شيء في
ذلك.
وأما ما ذكره الدكتور من أن الشيخ الشعراوي قد صلَّى ركعتين شكراً دلّه على
نكسة 1967 م، فهذه زلة عظيمة من الشيخ غفر اللّه له، ولا يعتذر له عنها، مهما كانت
الأسباب والمسوغات، وما اظن أن الشيخ قال هذه القولة الذميمة استجابة لموقف
سياسي معين، وإنما قالها صدى لبعض أصوات العامة التي سمعناها تقول غداة
هزيمة " 67": " الحمد دلّه العساكر كانوا حيركبونا"، وقد سمعتها أنا بأذني من الأحياء
الشعبية التي كنت أعيش فيها تلك الأيام، ومعلوم أن الشيخ كان كثير المخالطة
للعامة.
وكذلك ليس صحيحاَ أن الشيخ وظف شعبيته الدينية لدعم نظام الرئيس
السادات، فالسادات كان قد كسب شعبية كبيرة بعد انتصار حرب 1973 م لأنه مسج
العار عن جبين مصر والأمة العربية، وذلك قبل أن يلتقي بالشيخ الشعراوي وزيراَ عام
1976 م، ولم يؤخذ على الشيخ إلا قوله في حق الرئيس السادات: لا يُسأل عما
يفعل. وهذه قد غضب منها المتدينون، لأنها قيلت في حق المولى عر وجل، والحق
أنها كانت غلطة من الشيخ، لا يعتذر عنها إلا بأنها زلة اديب، لا عالم، كما استهجن
الناس من قبل فول ابن هانى ء الأندلسي (362 هـ) في الخليفة المعز لدين الله
الفاطمي:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
ومع ذلك فلم تطل إقامة الشيخ الشعراوي بالوزارة، ويقولون إن خلافات
نشبت بينه وبين الرئيس السادات، بسبب قضية الأوقاف، وبخاصة ما يتصل منها
بسور نادي الزمالك، ويروون في ذلك نكتة لاذعة بينه وبين السادات " وكلاهما كان
صاحب دعابة "، وأعرف ما يقول الخبثاء الان!
74 هـ