كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
و "صنعة " بالصاد أيضاَ بعدها نون ثم عين مهملة. والَاية الثانية قرئت " اشاء" بالشين
المعجمة، و"اساء" بالسين المهملة، والآية الثالثة قرئت "منه" بكسر الميم وسكون
النون ثم هاء، و" منه " بكسر الميم أيضاَ وتشديد النون ثم تاء معقودة " مربوطة ".
وقد ردَ الشيخ هذا الاختلاف إلى خلو الكلمات من النقط، فقرأ كل قارىء
بسليقته اللغوية وما أدته إليه ملكته العربية.
صنعة أم صبغة؟
وبدءة ذي بدء: فإن قراءة إصنعة اللّه" بالنون والعين التي ذكرها الشيخ لم
أجدها في قراءة متواترة ولا شاذة، ولست أدري من اين جاء بها الشيخ؟ وقد وجه
أهل التفسير الآية على معنى "صبغة " ليس! غير. قال الزمخشري في الكشاف 1/ 316
"وهي فعلة من صبغ كالجِلسة من "جلس"، وهي الحالة التي يقع عليها الصبغ.
والمعنى: تطهير اللّه، لأن الِإيمان يطهر النفوس، والأصل فيه أن النصارى كانوا
يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية، ويقولون: هو تطهير لهم، فأمر
المسلمون بأن يقولوا لهم: قولوا آمنا باللّه، وصبغنا اللّه صبغة لا مثل صبغتكم.
واما القراءتان الأخريان " أصيب به من أساء" بالسين المهملة، و"جميعاَ منة"
بكسر الميم وتشديد النون والتاء المعقودة، فهما قراءاتان شاذتان، كما ذكر ابن جني
في " المحتسب في تبيين وجو 5 شواذ القراءات " 1/ 261 - 2/ 262، والقراءات
الشاذة لا تعد من القرآن ولا يتعبد بتلاوتها، وإنما تذكر في مجال الاستشهاد للغة
والنحو، فلا ينبغي أن نتشاغل بها، ومن باب الأولى ألا نذكرها أمام العامة. وقد ذكر
الشيخ الشعراوي أن حماداَ الراوية قرأ "من اساء" بالسين، لكن فاته ان الراغب
الأصبهاني قد عد ذلد من زلات حماد وتصحيفاته. (انظر: محاضرات الأدباء
1/ 110).
ثم أعود إلى قضية خلو المصحف الشريف من النقط والِإعجام، وهو الذي يرا 5
الشيخ سبباَ رئيساَ في تعدد القراءات واختلافها، وهي قضية خطيرة جداَ، وليس!
582