كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)
حفظ القرَان:
ولا سبيل إلى ذكر كل أطراف القضية، فإنها من التشعب بمكان، فحسبي أ ن
اذكر رؤوس كلام، وفيما ذكره الشيخان شلبي والقاضي، ثم ما يأتيك من كلام اهل
العلم: مقنع وبلاع، والمأمول منك أيها القارىء الكريم أن تجعل هذه القضية على
بالك، وأن تشغل بها نفسك ووقتك، فإنها دين وعقيدة، فاقول وباللّه الاستعانة:
أولاَ: القرآن كلام اللّه القديم، نزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام، على
قلب النبيئ محمد غ! ي!، وقد أمره ربه بتلاوته " وَاَتْلُ مَاَ أُوحِىَ إِليكَ مِن! تَابِ رَئِف"
] الكهف: 127، ثم أمره بإبلاغه للناس وقراءته عليهم "! جمأَيها اَلرسُولُ بَفخِ مَاَ أُلزلَ
الَيث مِن رَئك "] المائدة: 67،، و" وَقُز انا فَرَقنَةُ لِنَقراَ"عَلَى اَلَاسِ فَىَ مُكمخ " 1 الِإسراء:
1106، وكان رسول اللّه مج! م! حين ينزل عليه جبريل بالوحي حريصاَ على استطهار
القرآن وحفظه، فكان يحرك لسانه حالة نزول الوحي، مخافة أن تفوته كلمة،
او يسقط عليه حرف، حتى طمأنه ربه بأن تكفل له ان يجمعه في صدره، ويسهل له
قراءته لفظاَ ومعنى، فقال تعالى: " لَاتُحَزِك بِهِء لِسَانَكَ لِغحَلَ بِهِء!! أ إِنَ عَلَئنَابهعَمُدوَقُؤ انَم * اَ
فَإِذَا قَرَآتَهُ فَاَئخ قُؤ انَه (*ة، ثُمَ إِنَ عَبئنَا يانَكل ر: بَم"] ا لقيا مة: 6 1 - 9 1،، وقوله تعا لى: " فَاَتَخ
ْ- ءَانَإُ) نيإأ"، أي قراءته، وهو مصدر على وزن فعلان، مثل غفران وكفران.
وهذا هو أساس الحفط في تراثنا العربي: إنه أمر أولاَ بتلاوته وحفظه، ثم
جاءت مرحلة الِإفهام بعد ذلك " ثُمً إِنَ عَلتنَا يانَكل بر:)،"، وقال تعالى: " وَلَاتَ!
بِاَتقُرهَانِ مِن قَتلِ أَن يُقْفَع إِلتث وَخيُإ " اطه: 4 1 1،، وقال تعالى: " سَنُقرِئُكَ فَلَا
تَنسَئَ! يأ"] الأعلى: 6،، و"لا" هنا نفي وليست نهياَ. والمعنى: فلست تنسى إذا
أقرأناك.
ثانياَ: كان رسول الله! يِ! إذا نزل عليه الوحي بالقرآن يمرئه أصحابه فيحفظونه،
وكان هؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم حريصين على استظهار ما يحفظونه وتعهده
بالمدارسة والعمل به، وكان الذي سمع يُعلم من لم يسمع، وكان عليه السلام يبعث
إلى من كان بعيد الدار منهم مَنْ يُعلمهم ويقرئهم، كما بعث مصعب بن عمير
584