كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

وابن ام مكتوم إلى اهل المدينة قبل الهجرة، يعلمانهم الِإسلام، ويقرئانهم الفراَن،
وكما خلف معاذ بن جبل بمكة بعد الفتج يفرىء الناس القراَن. قالى عبادة بن
الصامت: "كان الرجل إذا هاجر دفعه النبيئ ع! ي! إلى رجل منا يعلمه القرآن، وكان
يسمع لمسجد رسول الله ع! يم ضجة بتلاوة القراَن، حتى أمرهم رسولى اللّه أن يخفضوا
أصواتهم، لئلا يتغالطوا"، انظر: مناهل العرفان للشيخ الزرقاني 1/ 241، وهو
كتاب جيد جداً في علوم القرآن.
ثالثاً: اهتم الرسولى عليه السلام هو وأصحابه أولى الأمر بجمع القرآن في
الصدور - اي حفظه واستظهاره - وكان ذلك أمراً طبيعيّاً، لأن الرسولى عليه السلام
كان أمّئاً، وبُعث في امة أمية، يقل فيها الكتاب، ولا يشيع بينها الخط، ثم أوحي إليه
عليه السلام أن يكتب القرآن، فاتخذ كتاباً من خيرة الصحابة، زيادة في الاستيثاق
لكتاب الله تعالى "حتى تُظاهر الكتابة الحفط، ويُعاضد النقش اللفظ ".
ومع كتابة الفرآن الكريم ظل الحفط هو الأساس والمعتمد، قالى ابن الجزري:
"ثم إن الاعتماد في نفل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على حفط
المصاحف والكتب، وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة، ففي الحديث
الصحيح الذي رواه مسلم: "إنما بعثتك لأبتليك وابتلي بك، وأنزلت عليك كتاباً
لا يغسله الماء، تقرؤه نائماً ويقظان "، فأخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى
صحيفة تغسل بالماء، بل يفرؤه في كل حالى، كما جاء في صفة أمته: "اناجيلهم في
صدورهم ".
رابعاً: توفِّي رسولى اللّه ع! يم والقرآن الكريم كله مجموع في الصدور، ومكتوب
في السطور، ثم كان جمع أبي بكر القرآن، وبعده كان جمع عثمان، والفرق بين
الجمعين معروف في كتب علوم القرآن. ومن أحسن المراجع في ذلك كتاب الشيخ
الزرقاني المذكور قريباً.
وخلاصة الأمر ان عثمان رضي اللّه عنه جمع الناس على مصحف واحد، سمي
" المصحف الِإمام "، واستنسخ منه نسخاً أرسلها إلى الأمصار الِإسلامية، ولم يكتف
585

الصفحة 585