كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

رسول اللّه! يه! يم: كذلك أُنزلت. ثم فال: اقرأ يا عمر، فقرأت القراءة التي أقرأني،
فقال رسول اللّه! ي!: كذلك أُنزلت. إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ما
تيشَر منه ".
هذا وقد ذكر الطبري في مقدمة تفسيره آثاراً أخرى في اختلاف القراء فيما
سمعوه من رسول اللّه! ي!. وهذه الَاثار تدل كلها على أن القراءات مأخوذة بالتلقي
والمشافهة والسماع من فمه الشريف! ي!، وإنما اختلفت القراءات عنه! ي! تيسيرأ
على أمته وتخفيفاً، مراعاة لاختلاف لغات القبائل، اي لهجاتها.
الدليل الثاني: لو كان خلو المصاحف من الشكل والِإعجام سببأ في تنوع
القراءات واختلافها، لكان القارىء الذي يقرأ الكلمة وفق رسم معين، يلتزمه في
أمثاله ونظائره حيث وقع في القراَن الكريِيم، ولم يحدث هذا، وإليك مثالا واحدأ:
قوله تعالى في فاتحة الكتاب: "ملِكِ يوهاَلدِّلى آإةِأً،"، وقوله سبحانه: " تُلِ
اَلئَهُضَ مَلِكَ اَلمُفكَ "، وقوله تعالى في سورة الناس: " مَلِثِ اَفَّاسِ! ص 2*ا"، فلو تأملت
المواضع الثلاثة في المصحف لوجدت الكلمة فيها كلها هكذا "ملك" بالميم واللام
والكاف ففط، ولكن حفصأ يقرا عن عاصم، في الفاتحة "مالك" بالألف بعد
الميم، وكذلك يقرا اَية اَل عمران، أما في سورة الناس فيقرا "ملك" من دون
الألف، فلو كان حفص يقرأ وفق رسم المصحف لقرأ في المواضع الثلاثة "ملك "،
ولكنه يقرأ بالرواية المتواترة عن رسول اللّه ع! ي!.
وكذلك قد تختلف القراءات احيانأ، لغة ونحوا، وهكذا يبدو للناس في ظاهر
الأمر، ولكن الاختلاف في الحقيقة راجع إلى التلفي والرواية، لا إلى القاعدة اللغوية
أو النحوية، وهذا مثال واحد:
قال الله تعالى: " وَص وَعَدَ اَدئَهُ اَلحمُئتَئ " جاءت هذه الَاية في موضعين: سورة
النساء 95، وسورة الحديد 0 1، ويقرأ القراء جميعاً (كلأَ) بالنصب في الَايتين، لكن
ابن عامر يقرأ آية النساء بالنصب، كسائر القراء، أما آية الحديد فيقرأها وحده (وكل)
بالرفع، وللنحويين في توجيه الرفع والنصب كلام. فلو كان ابن عامر يقرأ وفق
588

الصفحة 588