كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

القاعدة النحوية لقرا الَايتين بالرفع، ولكنه قرأ بالرواية التي تلقاها هو بالتواتر عن
سيدنا رسول الله! ي!: مرة بالنصب ومرة بالرفع، مع أن تريمب الَاية واحد في
الموضعين.
ومثال ثان: الِإمالة ظاهرة صوتية، وهي "ان تنحي بالألف نحو الياء، فيلزم
ان تنحي بالفتحة قبلها نحو الكسرة "، وهي لغة بعض القبائل العربية، وقد قرأ بها
بعض القراء، والتزموها حيث وجدت دواعيها في القرآن الكريم، لكن حفصاًالذي
يقرأ بفراءته كثير من المسلمين الان بروايته عن عاصم، لم يقرأ بالِإمالة إلا في
موضع واحد من الذكر الحكيم، وهو قوله تعالى من الَاية 41 من سورة هود:
" تِجصِ أدئَهِ مجبريخه! وَمُزسَفَا "، وهكذا يختلف القراء ويتفقون، بحسب الرواية
والتلقي، وليسْ بحسب رسم المصحف او الوجه النحوي أو اللغوي، صحيج أ ن
هذين في الاعتبار، ولكن بعد ثبوت الرواية بالتواتر والسند الصحيج، ولذلك
قالوا إن للقراءة المقبولة ثلاثة شروط: التواتر بالسند الصحيج إلى رسول الله لمج!،
وموافقة الرسم العثماني، وأن يكون للقراءة وجه صحيج من العربية، فإذا سمعت
قراءة مسندة لواحد من القراء السبعة أو العشرة، كأن يقال: قراءة نافع أو عاصم
او الكسائي، فلا تظن أنها من اختراعه أو ابتداعه، ولكنها اختياره الذي ارتضاه من
طريق الرواية المسندة الصحيحة، ولذلك أُثر عن أبي عمرو بن العلاء - وهو أحد
القراء السبعة - قوله: "لولا أنه ليس لي ان أقرأ إلا بما قرىء به لقرأت كذا وكذا.
وذكر حروفاً".
ويريد أبو عمرو أن القراءة سنة واتباع وأثر، ولا دخل فيها للسليقة
او الاستحسان اللغوي او الترجيج النحوي او رسم المصحف. ومن ثم يرى كثير من
العلماء أن ترجيج قراءة متواترة على قراءة متواترة لا يجوز؟ يقول أبو العباس ثعلب:
"إذا اختلف الاعراب في القرآن عن السبعة لم افضل إعرابأ على إعراب في القرآن،
فإذا خرجت إلى الكلام كلام الناس فضلت الأقوى "، راجع الدر المصون في علوم
الكتاب المكنون، للسمين الحلبي 1/ 48 - 4/ 563.
589

الصفحة 589