كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

السادات - وإن كان ذلك حبيباَ إليئ - ولكني اريد أن أقول: إن الأعمال الموسوعية
ينبغي ان تبرا من الهوى، وتتصف بالحيدة والموضوعية.
سقطات:
ومن ذلك أيضاَ ما ذكره في ترجمة الأديب "عبد الرحمن الشرقاوي " قال:
"أديب وشاعر متجن على تاريخ الِإسلام ورجاله، نعته الشيخ محمد الغزالي بأنه
يجمع القمامات من كتب التاريخ ". ثم قال الباحث: "له تآليف ذميمة، منها الفتى
مهران مأساة جميلة "، إلى آخر ما ذكر.
يا سيدي الفاضل، نحن لا نترجم للناس لكي نهينهم ونهوي بهم! وأرى أنه إذا
بلغ منك الرجل هذا المبلغ من البغض والشناَن، فأسفطه من كتابك، وإذا سئلت عنه
فقل: لا أراه جديراَ بالترجمة.
إن مؤرخينا القدماء كانوا اكثر إنصافاً وموضوعية، فمؤرخ الِإسلام الحافظ
الذهبي (748 ط يترجم للحجاج بن يوسف الثقفي، ذلك الجبار الذي يكاد الناس
يجمعون على بغضه واستبشاع ما صنع، يقول عنه الذهبي: " وله حسنات مغمورة في
بحر ذنوبه وأمره إلى الله، وله توحيد في الجملة "، فذكر له " حسنات "، وانظر: سير
أعلام النبلاء 4/ 343.
ومن أجمل وأحكم ما رايته من مغالبة الهوى وقهر نوازع النفس، مع عدم
إغفال الرأي الخاص، ما ذكره شيخنا محمود شاكر في شأن مستشرق يهودي صحَّج له
خطأ وقع فيه فقال في ص 395 من طبفات فحول الشعراء: " وكنت اخطأت بيان ذلك
في طبعتي السالفة من الطبقات، فجاءتني من الأرض المقدسة التي دنستها يهود،
رسالة رفيقة من (م. ي. قسطر) فدلني على الصواب الذي ذكرته اَنفاً، فمن امانة العلم
اذكره شاكراَ كارهاَ لهذا الذكر"، فانظر وتأمل، كيف اعترف بالصنيعة وشكرها، ثم
لم يخف ما في نفسه.
ونعود إلى ترجمة "عبد الرحمن الشرفاوي"، فمع كل ما ذكره الباحث من
إساءة إليه لم يذكر اهم اعماله الأدبية، وهي رواية "الأرض ".
595

الصفحة 595