كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

الشيخ كلامه في حياته؟ ما أظن إلا انكم خفتم ان يأخذ بأكظامكم، ويأتيكم من
فوقكم ومن أسفل منكم، فتزيغ أبصاركم كالذي يغشى عليه من الموت، ثم يترككم
فإذا أنتم ضُحكة الضاحك وهُزءة المستهزىء، فنُنْشدكم قول طرفة بن العبد:
يا لكِ من قُئرة بمَعْمَرِ
خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفِرِي
ونَقِّري ما شمتِ أن تُنَقِّري
قد رَحَلَ الصيادُ عنك فابشري
ورُفع الفخ فماذا تحذري؟
ئم ننشدكم أيضاَ قول المهلهل بن ربيعة يرثي أخا 5 كليباَ الذي كان يضرب به
المثل في العزة المتناهية، وكان من خبر 5 انه إذا حضر مجلسه الناس لا يجسر أحد ان
يفخر او يجاذب، إعظاماً لقدر 5 وإجلالاَ لشأنه، فلما مات قال المهلهل:
نبهمتُ ان النار بعدَك الموقِدَت واستئ! بعدك يا كليب المجلسُ
وتكفَموا في أمر كل عظيمةٍ لو كنت حاضر أمرهم لم يَنْبِسُوا
ومن وراء ذلك كله: فليس من النَّبالة والِإنصاف ان تهاجم من لا يستطيع أ ن
يدفع عن نفسه ويردَّ عليك قولك، وقد امرنا ديننا في مثل هذه المواطن بالمكاشفة
والمواجهة، يقول ربنا عزَّ وجلّ يخاطب نبيه المصطفى لمجي!: " وَإِمَّا ضَظَفَرر مِن لَؤهـ
خِيَانَة فَاَنجِذْ إلَئهِؤ! سَوَأ " 1 الأنفال: 58)، قال أبو جعفر الطبري: فناجزهم
بالحرب، وأعلمهم قبل حربك إياهم أنك قد فسخت العهد بينك وبينهم بما كان منهم
من ظهور امار الغدر والخيانة منهم، حتى تصير انت وهم على سواء في العلم بأنك
لهم محارب، فياخذوا للحرب آلتها، وتبرأ من الغدر.
وجاء في حديث سلمان الفارسي الذي أخرجه الترمذي وأحمد: "وإن أبيتم
نابَذْناكم على سواء"، قال ابن الأثير: اي كاشفناكم وقاتلناكم على طريق مستقيم
مستوٍ في العلم والمنابذة، منا ومنكم.
612

الصفحة 612