كتاب مقالات العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (اسم الجزء: 2)

بطريق المجاز - مراتب وضع الألفاظ - مشروع تيسير الكتابة العربية - مصطلحات
الشئون العامة.
ومن مجموع هذه البحوث والمقترحات احب أن أقف عند أمرين اثنين، يظهر
فيهما تضلَّع الجارم من اللغة، وصبره على تحصيلها، واحترامه لها:
الأمر الأول: ذلك البحث الذي وسمه (بالمصادر التي لا افعال لها)، وقد اقام
الجارم هذا البحث على ما ذكره ابن سيده في صفحة (223) من الجزء الرابع عشر من
المخصص (باب أسماء المصادر التي لا يشتق منها أفعال)، وقد انتهى ابن سيده إلى
أن هناك أربعة وخمسين مصدراً لا افعال لها.
يقول الجارم: " وقد تناولت هذا البحث بإفاضة واستيعاب وتنقيب في
المعجمات، فظهر ان لجميعها افعالاَ، عدا سبعة منها". ثم أخذ رحمه اللّه في ذكر
كلام - ابن سيده، ئم تعفبه بما في المعاجم: الصَّحاح، واللسان، والفاموس،
والتاج، والمصباح المنير.
والأمر الثاني: ما ذكره عن "غريب اللغة "، قال: "وإذا كانت لدينا ذخيرة
مغمورة في اللغة فلم لا نستعملها ونحييها، وننقلها من بداوتها إلى نور الحضارة؟
والاستعمال كفيل بصقلها واستساغتها".
ويعود مرة أخرى إلى " غريب اللغة " فيقول، وهو يتحدث عن المعجم الكبير:
"فإن هذا المعجم سيشتمل على كل شيء، من حيث الكلام الصحيج وقديمه،
مشهوره وغريبه، ذائعه ونادره ".
وقضية "غريب اللغة " من القضايا الشائكة العسرة في زماننا هذا، فكثير من
الناس ينادون الَان بهجر الغريب من الكلام، واستعمال السهل القريب، وما اظنهم
ينادون بذلك إلا لسببين: السبب الأول: عدم معرفتهم بكثير من هذا الكلام الغريب،
والإنسان يستوحش مما لا يعرفه وينكره، على ما قال ربنا عزَّ وجلّ: " بَل كَذَبوُا بِمَا لَؤ
يُحِيَ! ا بِمِقمِهِء" ايونس: 139.
650

الصفحة 650